مطهر الأشموري

مطهر الأشموري / لا ميديا -
الرئيس الأمريكي بايدن طرح أن النظام السعودي بيّن شروطه للتطبيع مع “إسرائيل”: عقد اتفاقية أو معاهدة مع أمريكا لتحمي السعودية من دولة جارة، لم يسمها.
عندما كان يطرح احتمال خطر على النظام السعودي كان يربطه بإيران. واتفاق النظام السعودي لتطبيع العلاقات مع إيران يعني أن الضمانات للنظام السعودي قدمتها الصين التي رعت هذا الاتفاق، وبالتالي فتوصيف دولة جارة لم يعد المقصود به إيران، فمن تكون هذه الدولة الجارة؟!
أمريكا روجت لخطر تصدير الثورة الإيرانية، ثم لخطر إيران على الخليج، وهي روجت لخطر صدام حسين على الخليج... وهذا الترويج لخطر جديد من دولة جارة المقصود به من يسمونهم “مليشيا الحوثي”، فهل أصبحت ما يسمونها “مليشيا” بمستوى خطر إيران أو صدام حسين على السعودية وربطاً بها الخليج؟! ولماذا سار بايدن إلى توصيف دولة جارة ولم يقل “المليشيا”؟!
إذا كان المقصود اليمن فهذا يعني أن ما تسميها أمريكا والنظام السعودي “مليشيا” باتت واقعياً هي الدولة في اليمن؛ لكنهما بحاجة للاستمرار في استعمال توصيف “مليشيا”.
ربما أدوات النظام السعودي المستعملة في اليمن والمسماة “شرعية” هي المعنية أكثر بالتفكير في هذه المسألة، هذا إن كانت ماتزال إرادة حتى لمجرد التفكير، وإن في غرف مغلقة، وبالتالي فأمريكا كانت حاضرة ومشاركة في عقد العدوان السعودي على اليمن، فماذا تضيفه أي اتفاقية أو معاهدة جديدة؟!
من مراكز الأبحاث، ومن كبريات الصحف الأمريكية والغربية، فالقنبلة التي ألقيت على “عطان” هي قنبلة أمريكية “أم القنابل”. أما قنبلة “نقم” باليورانيوم المخصب فهي قنبلة “إسرائيلية” وألقتها طائرة “إسرائيلية” تمت سعودتها بالطلاء فقط، والحقائق والثبوتيات لمشاركة أمريكا والكيان “الإسرائيلي” في العدوان على اليمن فوق أن تتسع مساحة التعاطي في مثل هذه المحورية.
أتوقع أن المرتزقة كأطياف ومجاميع تسمى “شرعية” لا يعجبهم هذا الطرح أو السياق، ولهم أن يقولوا عن شخصي “مجنون”، وتبريرهم أن المقصود بـ”الجارة” هي إيران وليس اليمن، وأن الاتفاق الذي أشرفت عليه الصين يجعل النظام السعودي لا يريد ذكر إيران، فجاء من بايدن ما سماه “الدولة الجارة”.
إنني أرى في هذا الطرح منطقية وواقعية بل واحتمالية أن يكون الصواب، لأنني ببساطة لست في مستوى هؤلاء انفعالية وتطرحاً، فهل يستطيع أمثال هؤلاء التعامل مع احتمالية أن يكون المقصود بالدولة الجارة هي اليمن، في ظل أن النظام السعودي طلب تدخل “المارينز” لحماية الحدود السعودية خلال العدوان، وفي ظل ما ظل النظام السعودي يردده عن أن أمريكا خذلته في ملف اليمن غير ما قدمه موقف الإسناد لفلسطين وغزة من قدرات دفع “آيزنهاور” للهروب ووصول اليمن إلى قلب يافا وبطائرة “يافا”؟!
هؤلاء ليسوا أكثر من أدوات للنظام السعودي، وليسوا في وضع أو تموضع من يتعاطى في هكذا قضايا.
إذن، هؤلاء لا يقرون الآن من تموضعهم الأدواتي تحت الوصاية المباشرة للنظام السعودي لأكثر من أربعة عقود، فهم لن يقروا بأن النظام السعودي تابع لأمريكا أدواتياً كما هم، وبالتالي فسيادة واستقلالية اليمن قضية لا تعنيهم، بل يريدون ويستدعون الوصاية، فكيف تكون سيادة واستقلالية النظام السعودي قضية لهم أو تعنيهم؟! فهم فقط “خدام خدام الجرافي”.
بغض النظر عن الوصاية على اليمن، وإجرام وجرائم النظام السعودي في اليمن، فإني أطرح قضية مستقلة ومنفصلة هي أن الأوضاع والصراعات العالمية باتت تتيح للنظام السعودي أن ينتزع استقلاليته ولا يحتاج لهذه التبعية المهينة للغرب ولا للشرق، فهل بدأ مجرد التفكير في مثل ذلك؟!
إذا كان ما طرحه بايدن عن اتفاقية أو معاهدة لحماية هذا النظام من “دولة جارة” يؤكد استمرار التبعية واستمرار الأدوار الأدواتية التي تخدم أهداف ومصالح أمريكا ومنها التطبيع مع الكيان الصهيوني، فهل يمكن أن ينظر للعلاقات وروابط هذا النظام مع الصين وروسيا على أن لها علاقة بفكرة أو مسعى استقلالية للنظام السعودي؟ وبأي مدى أو أي سقف؟
لماذا النظام السعودي -ربطاً بالتطبيع المحتمل مع “إسرائيل”- لا يفكر بانتزاع الاستقلالية عن الغرب والشرق معاً بدلاً من الاحتماء والحماية من خطر وهمي لا وجود له؟!
الخطر الحقيقي والأخطر على النظام السعودي هو تبعيته المهينة والذليلة لأمريكا و”إسرائيل”، وعدم التفكير في انتزاع استقلاليته، خاصة وأن المتغيرات العالمية لن تحقق له أماناً أو تأميناً في ظل هذه التبعية لأمريكا و”إسرائيل” والوصول إلى استقلالية -إن أراد- هي أفضل أمانا وأقوى ضمانا، فإلى أين يتجه؟! وإلى أين يريد أن يسير؟!

أترك تعليقاً

التعليقات