مطهر الأشموري

مطهر الأشموري / لا ميديا -
أمريكا والكيان الصهيوني يسعيان لفرض وتشكيل ما يُسمى "شرق أوسط جدید" ثقله وزعامته للكيان. وهذا الهدف يرتبط تلقائياً بمسعى إنهاء المقاومة ومحور المقاومة.
ومع ذلك فـ"إسرائيل" عجزت في حرب لقرابة العامين عن أن تحقق النصر في غزة، المحاصرة لعقدين، وعلى شعب أعزل، مع استعمالها لأحدث القنابل وكل أسلحة الفتك الأمريكية والغربية.
باستثناء الحالة السورية والطريقة الغامضة لسقوط نظام بشار الأسد، فإن أمريكا والكيان الصهيوني لم يحققا نصراً واقعياً واحداً. ولذلك فأمريكا تحاول اتباع وسائل أخرى، كما في حالة لبنان وتكثيف الضغوط الأمريكية لنزع سلاح حزب الله.
"إسرائيل" فعلاً انهزمت عسكرياً أمام حزب الله، ولو كان باستطاعتها الانتصار على حزب الله ما كانت تحتاج هذه الالتفافية أمريكياً للتعامل مع لبنان وحزب الله وسلاحه.
"إسرائيل" فعلاً فشلت، بل وانهزمت في عدوانها على إیران، وأمريكا شریكة في الفشل أو الهزيمة في العدوان على إیران.
لا يمكن، بل ويستحيل على أمريكا والكيان الذي بنته وتتبناه أن تقتل فكر وفكرة المقاومة، مهما نجحت في التفافاتها وضغوطها، فسقف هذا النجاح الآني والمؤقت لا يمكن أن ينهي المقاومة، بل سيصبح أرضية صعودها وتصعيدها تلقائياً؛ لأن شعوب المنطقة ستدفع دفعاً إلى خيار المقاومة فوق إرادة وإدارة الأنظمة العميلة، ومرور الزمن هو لصالح حقائق واستحقاقات وخيارات الشعوب.
ما دامت "إسرائيل"، وفي حرب لقرابة العامين، عجزت عن تحقيق انتصار واضح في غزة، وتلجأ إلى خداع التفاوض والمفاوضات، كما تفعل أمريكا، فالانتصار الذي يطرحونه تلميحاً أو تصريحاً لما يسمى "الشرق الأوسط الجديد" بعيد المنال، بل هو المحال والمستحيل معاً، ولا تكترثوا بطباع وتطبيع أنظمة هي عميلة من أساسها وتأسيسها، من رأسها إلى أخمص قدميها؛ لأن الزمن في ظل المتغيرات والصراعات الدولية ليس في صالح الأنظمة على الإطلاق، بل لصالح المقاومة ولصالح محور المقاومة، ومن حيث نحسب ونحتسب، وحتى من حيث لا نحتسب، كإرادة إلهية وسنة كونية: "ذرهم في طغيانهم يعمهون" و"العاقبة للمتقين".
لكم أن تفكروا في وضع وتموضع العالم قبل عقد وعقدين وتقارنوه بالقائم عالمياً، وذلك لاستقراء المتغير ومسار السنن الكونية في هذا العالم، وفوق هدير وضجيج الإعلام الأمريكي الغربي، وحتى العربي المتصهين المتأمرك، فهو باطل، لأنه بني على باطل.
قال ترامب أمريكا، بعد اليوم الأول للعدوان على إيران، إن إيران لم يعد أمامها غیر إعلان الاستسلام أو الذهاب إلى واشنطن لتوقيع الاستسلام؛ ولكن إيران نهضت وردت وانتصرت، وترامب ذاته هو الذى استجدی إيران إيقاف ردها والتوقف عن دك الكيان الصهيوني.
انسحاب أمريكا من معركة البحر الأحمر أمام اليمن، واستجداؤها إيران التوقف عن دك الكيان الصهيوني، يعني ببساطة فشل ونهاية مشروع "الشرق الأوسط" بالمقاييس الأمريكية والصهيونية.
ومع ذلك، دعوا أمريكا تمارس التفافات وضغوطات على لبنان أو العراق، وسيكون نتيجة أو معطى هذه الالتفافات والضغوطات لصالح المقاومة ومحور المقاومة، من حيث يتوقع وحتى من حيث لا يتوقع.
ما تمارسه أمريكا والغرب الاستعماري الإمبريالي، وبالأنظمة العميلة وهم مجرد حراس للثروة مع أمريكا والكيان الصهيوني، هو حرب ضد الشعوب في إطار تلك الحروب الإعلامیة النفسية. ولكن حالة ووضع غزة، بكل جرائم الإبادة وحروب التجويع، كأنما عرّت وفضحت هذه الحروب. ومثلما لجأت "إسرائيل" إلى التجويع للإبادة، فسلاح الأنظمة العميلة لم يعد غير المزيد من القمع، والإمعان والاستمراء في استعمال القمع سيضعفه تلقائياً ويجعله تدريجياً يتآكل، وهذا بمقتضى السنن الكونية وربطاً بالمتغيرات العالمية ربطاً بالأسباب.
مثلما طلب ترامب أمريكا من إيران الحضور إلى واشنطن لتوقيع وثيقة استسلامها، فقد طلب من الصين الحضور إلى واشنطن لتوقيع اتفاق التعرفة الجمركية وبشروط أمريكا.
الصين تلقائياً ترفض مثل ذلك، دون حاجة لتقول. وها هو ترامب أمريكا ذاته أيضاً يعلن أنه سيزور الصين خلال الشهرين القادمين للتفاوض معها، وفي بكين.
"الشرق الأوسط" بمتغيراته والتغيير فيه بات يرتبط بهذا المشهد العالمي وهذا الصراع والمتغير العالمي، في إطار الأسباب وربطاً بالسنن الإلهية الكونية. وقد نصل إلى وضع وتموضع عالمي تقبل فيه أمريكا بتعدد الأقطاب في عالم أكثر عدالة، فيما الأنظمة العميلة المتأمركة المتصهينة لا تريد غير القطبية الأمريكية، وربطاً بها القطبية الصهيونية في "الشرق الأوسط"؛ لأن حياتهم كما خيارهم هو العبودية والاستعباد بما يحافظ على بقائهم في الكراسي، ولهذا فهم أكثر تأمركاً من أمريكا وأكثر تصهيناً من الصهيونية، وهؤلاء سيعاقبون في الدنيا قبل عذاب الآخرة!

أترك تعليقاً

التعليقات