ماذا يعني ترويض العالم.. ولماذا؟!
 

مطهر الأشموري

مطهر الأشموري / لاميديا -
دائماً وعندما أتطرق إلى أحداث سوريا فعلامة الاستفهام التي أكررها هي حول الدور الروسي في ذروة هذه الأحداث وفي ذلك إشارة واضحة بأن ما تم في سوريا لروسيا دور إن لم يكن في منع حدوثه فهو توافق على حدوثه.
الإعلام الإيراني لم يقل هذا بوضوح أو مباشرة، لكنه ظل يطرح أن روسيا شريك غير موثوق به وأنه خذل إيران خلال عدوان "إسرائيل" على سفارتها في دمشق، كما خذل إيران خلال العدوان (الأمريكي -الصهيوني) عليها.
الإعلام الإيراني، وإن في برامج تحليلية، بات يتحدث عن احتمالية مقايضة أو "سايكس بيكو" بشكل آخر حين يطرح أن حل المسألة الأوكرانية يمثل مصلحة حيوية واستراتيجية، ويتحدث مثل ذلك عن تايوان وتموضع الصراع الدولي.
لقد حلت مشاكل أو خلافات التحالف المضاد لأمريكا ولم تعد إيران تتحدث عن شريك غير موثوق به، ولكن طبيعة وتموضع الصراعات عالمياً باتت تلقائياً تطرق مواضيع وتموضعات في هذا الصراع العالمي.
لذا افتراض أن أمريكا في محادثاتها مع روسيا والصين تربط بين الحالة الأوكرانية والحالة التايوانية وكيفية توزيع أو تقاسم النفوذ في منطقة ما يسمى "الشرق الأوسط"، والبديهة أن أولوية كل دولة مصالحها الحيوية والأهم..
إذا روسيا أو الصين أو كلاهما مارسا تفعيل هذا الأساس أو المقياس وهو البديهي في سياسات وأساسيات الدول والأنظمة فالمسألة لم تعد في مستوى وطبيعة أي شراكة وفوق توصيف موثوق أو غير موثوق به، لأن هذا سلوك كل الدول بما فيها إيران.
هذا السلوك لا يمثل استعماراً أو تقاسم تركة الاستعمار كما اتفاق "سايكس بيكو" بقدر ما قد يكون تقاسم نفوذ بين الأقوياء وربط ذلك بأولويات هؤلاء الأقوياء كما ربط الحالة الأوكرانية والتايوانية بـ"الشرق الأوسط".
أمريكا أولويتها في "الشرق الأوسط" مصالحها وهي الاستعمار الجديد الوريث والامتداد للاستعمار القديم، وكما هو معروف فإنها تربط مصالحها في المنطقة بتموضع أو موضعة الكيان الصهيوني، وهنا نلحظ أن الأقوياء عالمياً باتوا تلقائياً في شراكة مصالح غير مسبوقة نجدها في علاقات روسيا والصين ببلدان ظلت محتكرة استعمارياً من قديم وجديد الاستعمار، كما العلاقات التجارية مع السعودية وباقي الدول الخليجية مثلاً.
هذا يعيدنا إلى علامة الاستفهام الأهم والتي لم يركز عليها حول الدور الروسي في أحداث سوريا، لأنه إن ثبت في نهاية المطاف وجود مقايضة بالحالة الأوكرانية والتايوانية ربطاً أو مقابل الشرق الأوسط فذلك يوضح علامة الاستفهام حول الدور الروسي بسوريا، وبالتالي فالعمل في مسار المقايضات هو بدأ من الحالة السورية وكل ما يجري هو ترويض للحالة الأوكرانية التايوانية في موازات المراوحة والغموض في قضايا وأوضاع "الشرق الأوسط".
مادام أطراف أو اصطفاف الصراع الدولي لم يحقق نصراً حاسماً كما في الحرب العالمية الثانية فالمسألة تصبح مفاوضات وتوافقات وترويضا للوصول إلى توفيق بين مصالح الكبار ثم مصالح الأثقال والأوزان إقليمياً ووطنياً، ولنا محاولة استقراء أسقف واحتمالات هذا الترويض لإيران أو حتى في اليمن وهذا بالطبع سيرتبط بالخيار والقرار الوطني لإيران أو اليمن أو غيرهما.
لا غنى لنا عن واقعية القراءة والاستقراء المحايد، وحيث لم أصل إلى يقين أو حتى قناعة بأن روسيا كانت غير راضية أو غير موافقة على سيناريو أحداث وتطورات سوريا، فالطبيعي أن يرتبط ذلك وتلقائياً بما سيجري من تطورات تجاه أوكرانيا أو تايوان، وبالتالي فكأنما حنبت قناعاتي في الإصطفاف الصراعي العالمي أو الإقليمي أو حتى الداخلي وذلك يترك للأحداث والتطورات أن تزيح كل غموض وأن تجيب على كل أو أي علامات للاستفهام، ومتروك لكل أطراف الصراعات دراسة خياراتها وقراراتها ومن خلال أي استقراء أو تحليل تقتنع به، ومثل هذا إن لم يكن يفيد فهو لا يستهدف ولا يضّر أي طرف!!

أترك تعليقاً

التعليقات