الشعب اليمني وخيار الأمركة والصهينة
 

مطهر الأشموري

مطهر الأشموري / لا ميديا -
ربما الطريف في حروب صعدة أن النظام آنذاك كان يطلق على «الحوثيين» وصف «الإرهاب»، فيما أمريكا كانت ترى مــا يحدث فـــي صعدة «تمرداً» من «الحوثيين».
وقتها كنت مع النظام؛ ولكني لم أستسغ وصف «الإرهاب». ولعلها المرة الوحيدة في حياتي التي فضّلت توصيف «التمرد».
رأيت في هذه الاستعادة مدخلاً للفهم والتفكير، لمن يريد استقصاء الحقائق، فكثيرون مثلاً لا يعترفون أمام أنفسهم ولا أمام آخرين بمثل هذا الاستهلال.
إنني أحاول الارتكاز على الواقع والأمر الواقع وعلى القضايا المحورية أو الأهم في أي وضع وفي التعامل مع أي تغيير أو متغير.
إني أرى النظام السعودي عدواً بقدر ما يستمر ويظل يمارس هذا العداء. والاستعمار الغربي، وفيه أمريكا، هم أعداء للبشرية مهما مارسوا من واجهات ورفعوا من شعارات. و»إسرائيل» هي رأس حربة الاستعمار الغربي أو امتداده الأمريكي. وهذا العداء الأمريكي «الإسرائيلي» يستهدف العروبة والإسلام والأوطان في منطقتنا. أما الفساد كقضية استشرت وانتشرت في منطقتنا فذلك مرتبط بأول اتفاق «كامب ديفيد»، ثم ارتبط أكثر بانتصار الرأسمالية وتفتت الاتحاد السوفييتي.
إنني في هذه القضايا أتوافق أو أتباين مع أي وضع أو نظام في اليمن، ولا أستطيع أن أكون مع النظام السعودي وأمريكا و«إسرائيل»، وفقط من أجل المال، ومهما كانت أهمية هذا المال؛ ولكنّ كثيرين ساروا في ذلك ومن أجل المال ثم طموح سلطة بأي قدر.
أيهما أفضل، أن أقول لقائد الثورة السيد عبدالملك الحوثي أو أنصار الله إنني أتفق وأتوافق معكم على أساس هذه المعايير والقضايا، أم أن أقول إنني كنت في ضلال وتحت تضليل وبانقشاع الضلال والتضليل «آمنت بكم» بما لم يسبق مع من سبقكم وبما لن يحدث مع من قد يأتي بعدكم افتراضاً؟!
إنني أرى أن غزو العراق للكويت وأحداث أيلول/ سبتمبر 2001 ثم ما عُرف بـ»الربيع العربي» هي محطات ومؤامرات أمريكية، بغض النظر عن استثناءات في النتائج أو المعطيات، وبالتالي فالأمر من منعطف 2011 انتقل من واقع إلى أمر واقع، ولكل إنسان له حق التفكير والخيارات تجاه جديد ومستجد الأمر الواقع.
كان بمقدوري أن أذهب إلى الرياض في إطار سعودة اليمن، وربطاً بها الإمارات؛ ولكن قناعتي لم تكن مع ذلك، ولن تكون بالتأكيد.
منذ أحداث 2011 ظللت أطرح أن المشكلة في اليمن هي في «البديل»، أكثر منها في «رحيل». وما زلت على هذه القناعة بعد الانتقال إلى أمر واقع جديد، وبالتالي فكل الأطراف المتسعودة والمتأمركة والمتواطئة في سقف الصهينة لا تتحدث عن بديل أفضل أو أفضلية بديل، ويريدوننا كشعب أن نقف معهم من أجل أموال وأرصدة ترتفع وتتراكم لهم كنخبة، أو الوصول لسلطة ربطاً بذلك.
يريدونني مثلاً أن أتسعود وأن أتأمرك وأن أتصهين من أجل أرصدتهم المالية أو وصولهم لسلطة، ولا يعنيهم الأمر الواقع ولا الواقع ولا الشعب، إلا في شعارات تهالكت واستهلكت، فكيف لي أن أغير كل ثوابتي وخياراتي وإيمانياتي من أجل أموال لهم وسلطة لهم.
بكل القياسات والمعايير لا يوجد بديل أمام الشعب اليمني، وفي ظل الواقع، والأمر الواقع أفضل من البديل القائم في صنعاء، والأكثر تشدداً وتطرفاً ضد صنعاء يعرف هذه الحقيقة ويؤمن بها في أعماقه، ولكنه لا يعترف بذلك؛ من أجل الأرصدة والأطماع السلطوية.
الفنانة فايزة أحمد تحمّل المسؤولية أو ترميها على الزمن، حين تقول: «هو الزمان هوه، هو الزمان، ما اقدرش أقول غيره، غير الزمن»، فيما في اليمن نختلف مع هذا الطرح كما يقول أبو بكر سالم: «والزمن ما تغير بس، أهل الزمن ويلاه متغيرين»!
لم يتغير النظام السعودي ولا الأمريكي ولا الصهيوني؛ ولكن الإخوان ورفاق القومية واليسارية هم الذين تغيروا، سعودة وأمركة وصهينة، فهل تريدون من الشعب اليمني الانتقال إلى السعودة والأمركة والصهينة من أجل أرصدتكم ومطامعكم وأهوائكم وأمزجتكم؟!

أترك تعليقاً

التعليقات