غزة ومحــوريـة ســلاح المقاومــة!
 

مطهر الأشموري

مطهــر الأشمـوري / لا ميديا -
هل تتذكرون ترامب المضطرب والمتخبط حين حدد موعداً لحماس ذات مرة، وهو السبت وتحديداً الساعة الثانية عشرة، لتعيد كل الأسرى "الإسرائيليين"، وأنها ما لم تنفذ ذلك فسينالها جحيم لا تعرفه ولا تتوقعه.
مر ذلك السبت دون الإفراج عن الأسرى، فيما الإبادة الجماعية استمرت بالوتيرة نفسها، فأي جحيم يهدد به ترامب أكثر مما حدث ويحدث خلال عامين؟!
حينها لم يكن ترامب يقرأ أو يشخّص المشكلة بالحد الأدنى من الواقعية، فالمشكلة هي في صمود غزة أمام جحيم لا يطيقه ولا يتحمله بشر، وتهديد ترامب بجحيم في ظل ذلك هو تحصيل حاصل، وهو الأمر الواقع المعاش في غزة، ووفق المثل أو الحكمة المتوارثة: "ما لجرح بميت إيلام".
استعادتنا لهذه الواقعة الترامبية تقدم لنا كيف سارت الأمور حتى الوصول إلى الاتفاق الجديد. فالمحورية الأمريكية - "الإسرائيلية" هي بقية الأسرى الصهاينة. وكون حماس تعي ذلك وتعي ما يعتمل عالمياً تجاه غزة وفلسطين فهي اتخذت قراراً ذكياً أو كثير الذكاء سياسياً باستعدادها للإفراج عن الأسرى الصهاينة في إطار صفقة تبادل، وهذا كان يفي أو يكفي لتترك ترامب يزبد ويرعد ويهدد كالمعتاد، وهي بذلك قدمت للشعب الفلسطيني أقصى مستطاع لإيقاف الحرب وتخفيف المعاناة حتى رفعها؛ لكنها في الأساس قدمت لترامب "الأهم" جرته أو جرجرته من خلال هذا الأهم للتفاوض.
ولهذا فالاتفاق عاد من جديد إلى كونه ما يتفاوض حوله أو عليه كما التفاوض الذي جرى في مصر حول وقف إطلاق النار وتزمينه وسقفه... إلخ.
لا جحيم الاحتلال ولا جحيم ترامب أخرج الأسرى؛ ولكنه "التفاوض"، وهذا إنجاز للمقاومة فوق أي تهديدات، وبالتالي فكل القضايا وأي بنود تحتاج إلى تفاوضات واتفاقات، وإخراج الأسرى ربط وارتبط تلقائياً بنهاية وإنهاء الحرب أو العدوان على غزة، وذلك ما قررته -وليس فقط أقرته- أمريكا والعالم. والواقع أن العالم بات هو الشاهد والضامن فوق الضمانات الأمريكية، فـ"إسرائيل" المنبوذة عالمياً لم تعد تتحمل مزيداً من النبذ، وأمريكا باتت هي الأخرى منبوذة عالمياً لولا مراعاة أنه ما زال لها وضع وتموضع قوى عالمياً.
من خلال إقرار أو قرار أمريكا إنهاء الحرب "العدوان" على غزة فإني أقرأ سيناريو أمريكياً - "إسرائيلياً" للتعامل مع حماس ومع سلاح حماس من خلال الإدارة التي ستدير غزة، وأياً كان مكونها، لأنه يصعب إلى مستوى المحال أن يتفاوض حول سلاح المقاومة أصلاً ويصبح المستحيل أكثر أن يوصل إلى اتفاق في هذه المحورية تحديداً.
كون "إسرائيل" تصبح -بأي شكل- لها إشراف أمني على غزة فإن الإدارة التي قد يتوافق عليها لغزة ستجبر -إن لم يكن بإجمالها ففي مفاصل الأهم- على تفعيل وتعاون أمني استخباراتي تجاه سلاح المقاومة، وكأنما الأنموذج في المتوقع هو ما تقدمه الحالة اللبنانية بغض النظر عن خاصيات وخصوصيات في الحالتين.
اغتيال هنية في طهران والسيد حسن نصر الله في لبنان هو عمل استخباراتي وأمني أساساً. ومن هذه "الأسس"، يكون السيناريو المتوقع لاغتيال أو إنهاء سلاح المقاومة في غزة، ومن افتراضية أن المسألة أسهل في ظل ما تُسمى "إدارة انتقالية"، ويمكن تعزيز هذا التفكير أو المنظور بالحالة السورية وتعامل الكيان الصهيوني معها.
أريد من كل هذا أن أقول إن ما یُسمى "نزع سلاح حماس" في غزة في التفعيل السياسي الإعلامي كأنما هو قضية القضايا، فيما يتم التهيئة والتحضير والتجهيز لسيناريو آخر وخفي لتحقيقه، وبالتالي يتحول كل الضجيج الإعلامي السياسي حول هذه المحورية إلى مجرد تكتيك لإخفاء وإنجاح السيناريو الذي يراد الحسم به.
إذا تم الوصول واقعياً إلى سلطة أو "إدارة انتقالية" في غزة، أياً كان شكلها وتشكيلها، فذلك إنهاء ونهاية العدوان، وبالتالي هو يعني أن أمريكا و"إسرائيل" باتتا تعتمدان على بدائل غير الحرب أو العدوان المباشر، وذلك ما حاولت أن أستشفه من متراكم العمل الاستخباراتي الأمريكي - "الإسرائيلي" الحاضر في كل أحداث وقضايا المنطقة. فهل بمثل هذا تفكر المقاومة مع الانشغال بالمعركة السياسية الإعلامية المتوقعة حول سلاح المقاومة؟

أترك تعليقاً

التعليقات