بين تهجير ترامب والهجرة إلى القدس
 

مطهر الأشموري

مطهر الأشموري / لا ميديا -
هتلر أراد إخضاع كل العالم لحكمه ولشخصه. وأمريكا حين ألقت قنبلتين نوويتين على اليابان لم يكن في إطار حرب عالمية، ولم يكن هدفها اليابان التي كانت استسلمت، وإنما أرادت استعمال سلاح لا يوجد إلا معها أن تحقق ذات الهدف «الهتلري» بإخضاع العالم لها.
ترامب أمريكا يجمع ويستجمع من الأحداث التاريخية ذات الغائية «هتلرياً» وكأنما يقلد هتلر أو أنه المجدد لـ«الهتلرية». وفي هذا السياق يحاول استعادة وإعادة الإبادة للهنود الحمر في التعامل مع فلسطين القضية والشعب.
إنه لا يريد فقط الإبادة الجماعية للشعب الفلسطيني في غزة والضفة الغربية، وإنما كل الشعب الفلسطيني، حتى من ظلوا في أراضي 1948، وحتى من قبلوا بالهوية «الإسرائيلية». واقع العصر وتطوراته وصراعاته هي التي تعيق بأي قدر تفعيل ترامب «هتلرياً» وعلى طريقة الهنود الحمر لإبادة الشعب الفلسطيني وإنهاء قضية اسمها القضية الفلسطينية.
ولهذا فالإبادة الجماعية التي مورست في غزة والدمار والتدمير الشامل هو معطى ونتيجة لحرب وإجرام وجرائم أمريكية أكثر منها «إسرائيلية»، وإن ظل العنوان هو ذلك أو كذلك.
ولهذا فأي متابع بسقف من الفهم يحس أن ترامب أراد من خلاله إخراج الأسرى الصهاينة، وبعد ذلك يواصل حرب الإبادة المفتوحة تجاه فلسطين والشعب الفلسطيني ليصل إلى الدولة اليهودية الصافة كما يريد التطرف والمتطرفون والذي يستخدم «هذرمات» توراثية ويقول إن «ترامب» هو «رسول الرب» المكلف بتحقيق ذلك.
المسألة هنا ليست أن ترامب اليميني المتطرف هو صهيوني أو «إسرائيلي» أكثر من «إسرائيل»، لأن أمريكا أصلاً بكل قادتها وساستها وسياستها هي «إسرائيلية» أكثر من «إسرائيل»، وإن ظلت تتدرج في تنفيذ المشاريع الصهيونية بالمنطقة.
كل ما في الأمر أن «ترامب» أكثر وضوحاً في «هتلريته» وفي ارتكازه على خط الهنود الحمر كحل للمنطقة من منظوره ومن أساسية المشروع الأمريكي والأهداف الأمريكية، فـ«إسرائيل» في المشروع الأمريكي هي المهيمن، بل والحاكم للمنطقة، وليس فقط المتحكم، وهذا هو مشروع أمريكا، وليس مشروعاً لبايدن أو ترامب ومن قبلهما ثم من بعدهما.
ولهذا فإن أي موقف أو قمة عربية وإسلامية إما أن ترتقي إلى مستوى هذا الخطر الذي يهدد الأمة، وإما أنها تنتظر «هولاكو» بـ»هتلريته» وعنصريته وإجرامها ليحول كل أنظمة وشعوب المنطقة إلى مجرد عبيد ومستعبدين، وإلا فماذا يكون بعد مصادرة الحقوق والقرارات السيادية لأنظمة وربطاً بها الشعوب بالمنطقة.
لماذا وكيف تصبح «إسرائيل» هي من يجبر الحكومة اللبنانية على منع طائرة أو طائرات إيرانية من الهبوط بمطار بيروت؟!
الإجابة هي أن «إسرائيل» هددت بقصف المطار، والحكومة أو الدولة في لبنان تخاف على المسافرين من الموت بالقصف «الإسرائيلي»، فلبنان بهذا التبرير إنما أجبر على التنازل عن حقه السيادي.
في ظل حقيقة أنه لا يفصلنا من لحظة ما أكتب حتى قمة العرب إلا بضعة أيام فقط، فإني أكتفي بهذا المثل من حالة مشاهدة ومثبتة ولا أحتاج لإيراد أمثلة أخرى موجودة في حالتنا العربية المزرية.
عداء الإمارات للإخوان يقابله احتضان قطر لهم، وهي مع الأسف مجرد أدوار أمريكية، وبالتالي فالموقف القطري مع «حماس» ومطالبة الإمارات «حماس» بالتخلي عن السلطة في غزة هما في الأول والأخير أفعال وتفعيل أمريكي فوق من يفرح لموقف قطر أو من يصدمه موقف الإمارات، وكلها أمركة وصهينة، ولم نعد مع المثل المعروف: «كلنا في الهم شرق».
إنني مع ذلك مازلت متفائل حقيقة بهذه القمة القادمة أو المنتظرة، وبما لم يحدث لديّ ومن شخصي منذ قمة شرم الشيخ، فدعوني أستلذ بهذا التفاؤل الذي فقدته لعقود وحتى انعقاد القمة وما سيصدر منها أو عنها.
الذي أقوله لـ»ترامب» ومن انساقوا ويتسوق بهم في أسواق وسوقية الأمركة والصهينة أن الشعب الفلسطيني ومعه أحرار الأمة وأبطال المقاومة ليسوا الهنود الحمر، وأنهم أقوى حتى من «الهتلرية» التي يعيدها ويستدعيها المعتوه «ترامب»، ولا ينخدع البعض تجاه القادم من تموضع ما هو متقادم وقائم.
ما دامت أمريكا عجزت عن تهجير سكان غزة بالحرب والقوة فلن تنجح في التهجير بسياسة الضغوطات والإملاءات، وخطة ترامب للتهجير إلى خارج فلسطين ستنقلب إلى هجرة باتجاه القدس... والزمن بيننا ومن عاش خبّر!

أترك تعليقاً

التعليقات