مطهر الأشموري

مطهر الأشموري / لا ميديا -
عندما نتحدث عن حروب المنطقة، ومنها حروب 1948 وحرب 1967 وحرب 1973، فهي تعني أن هذه الحروب هي صراع بين المشروع الفلسطيني والمشروع «الإسرائيلي» ربطاً ببريطانيا وأمريكا والغرب مع المشروع «الإسرائيلي» وبقومية أنظمة في عهد الزعيم جمال عبدالناصر.
وحيث أن الصراع بين المشروعين، الفلسطيني و»الإسرائيلي»، سبق ثورة إيران، فإنه لا معنى ولا قيمة للتعاطي مع مشاريع أخرى أو لآخرين، كما المشروع الإيراني.
فالنظام السعودي، الذي ظل موقفه المعلن أو الظاهري أنه مع المشروع الفلسطيني، لا ينفعه بعد ثورة إيران في تبرير أن مشروعاً إيرانياً لاحقاً أجبره أو اضطره للسير مع المشروع «الإسرائيلي» كموقف.
المشكلة بالنسبة لهذه الأنظمة، وهي شاركت شكلياً في الحروب مع المشروع الفلسطيني وضد «الإسرائيلي»، تحتاج لمعالجة التناقض والتقاطع بين الموقف الشكلي والمعلن والموقف الحقيقي غير المعلن، تحتاج تبريرا للتمرير، ولا يوجد غير شماعة وأسطوانة المشروع الإيراني.
كان مشروع شاه إيران التماهي مع أمريكا والتوافق إلى حد التطابق. والذين يرفعون اليوم شعار «المشروع الإيراني» تماهوا واندمجوا مع مشروع شاه إيران أمريكياً و»إسرائيلياً»، وإن مثل ذلك لم يقل أو يعلن.
الثورة الإيرانية اقتلعت علم «إسرائيل» ورفعت بديلاً عنه العلم الفلسطيني، وهذا يؤكد أن مشروع هذه الثورة هو فلسطين.
الذين تماهوا واندمجوا أو دُمجوا مع العلم «الإسرائيلي» في طهران ويرفضون رفع علم فلسطين في طهران يؤكدون أن مشكلتهم هي فقط كيف يباد الشعب الفلسطيني وتنتهي القضية الفلسطينية، فاختلق لهم المشروع الإيراني للاستعمال، كما خطر تصدير الثورة وخطر صدام حسين وخطر البرنامج النووي الإيراني، وكأنما السلاح النووي «الإسرائيلي» هو الأمن والأمان! وكأنهم يتمنون عاجلاً غير آجل أن يباد الشعب الفلسطيني بالنووي وتنتهي قضيته ويغلق ملف القضية!
هؤلاء لا يريدون أن تدعم إيران الشعب الفلسطيني والمقاومة الفلسطينية لتسهيل تحقق الانتصار على المشروع «الإسرائيلي»، وهم بهذا يرفضون أي مقاومة لـ«إسرائيل» ومشروعها، فإذا هم قطعاً ويقيناً يرفضون وجود مقاومة فلسطينية، فكيف لهم أن يقبلوا بالتطور إلى «محور المقاومة»؟!
لقد أحس هؤلاء في ذروة الهيمنة الأمريكية عالمياً وفي ظل استفراد بالمنطقة أن المشروع «الإسرائيلي» بات هو الأمر الواقع القائم في المنطقة. والإعلام العربي الغالب، الممول من النظام السعودي والخوالجة، مارس أقوى حرب ضد حزب الله في حرب 2006، وكانت المفاجأة الصادمة هي أن حزب الله لم ينهزم، بل هو من انتصر على «إسرائيل».
أهم جديد أو مستجد قوي وعميق وبعيد التأثير على المنطقة والعالم هي المتغيرات والصراعات منذ إشعال أمريكا والغرب الحرب في أوكرانيا.
تعدد الأقطاب بات هو الأمر الواقع في العالم وللعالم. ومثلما أن هذه الصراعات والمتغيرات تجعل أمريكا مجرد قطب كما أي قطب في ظل تعددية الأقطاب، فمن تداعيات ذلك ذات الأهمية الاستثنائية تلقائية قوة لفلسطين القضية والشعب وللمقاومة ولمحور المقاومة، لأن الحق هو فلسطين القضية والشعب والمقاومة وربطاً بها محور المقاومة، والباطل هو «إسرائيل» باحتلالها وبكل مشاريعها. ومن يطلب الحق في ظل تعددية قطبية أفضل أو أكثر عدلاً يصبح تلقائياً هو الأقوى.
ولهذا فالإرهاب أصبح بوضوح للعالم هو في الإبادة الجماعية بغزة أو باعتداءات «إسرائيل» على لبنان وإيران واليمن.
هذه التي تسميها «إسرائيل» اليد الطولى في تنفيذ هكذا اعتداءات هي مجرد محاكاة واستجرار لماضٍ انتهى وولى. وإذا بات اليمن يُذل أقوى المدمرات وحاملات الطائرات الأمريكية ويجبرها على الهروب فإن هذا الذي لا زال يتحدث عن يد طولى إما أنه لا يعرف ولا يعي المتغير العالمي أو أنه يعرف ويعي لكنه يريد تفعيل الإرهاب باستعمال ماضوي ولم يعد أشبه بـ»مشروع إيراني».
«إسرائيل» كان بمقدورها الانتقال من بريطانيا إلى أمريكا، لأن كليهما استعمار و»إسرائيل» هي رأس حربة وأهم أداة لأي استعمار.
بدلاً من حديث نتنياهو عن اليد الطولى يجدر به التفكير في النقطة حين تنهزم أمريكا أو تضعف في أحسن الأحوال، لأنه بقدر انهزام أمريكا وبقدر سقف ضعفها أو إضعافها فـ»إسرائيل» ستتحجم وتتقزم بل ستسقط وتزول.
ما يحدث كمتغير وصراعات عالمية بات بمثابة حرب عالمية، وبات المضحك تحدث نتنياهو عن يد طولى أو يرفع عملاء وخونة لم يعودوا يفهمون أو يعون في المتغيرات إلا مردود ارتزاقهم وعمالتهم وخياناتهم. فمثلما يفهم نتنياهو اليد الطولى حسب أمنياتهم فهؤلاء لا يريدون أكثر من أرصدة تزداد وترتفع، وذلك هو الأهم لهم لتأمين المستقبل حتى لو ذهبت شعوبهم وأوطانهم إلى الجحيم!

أترك تعليقاً

التعليقات