مطهر الأشموري

مطهر الأشموري / لا ميديا -
يقال في الإعلام إن أمريكا وفرنسا أطلقتا مبادرة دبلوماسية تتصل بالحرب في لبنان أو العدوان الصهيوني على لبنان ومضمونها «هدنة» استدعت في ذاكرتي الهدنات في اليمن.
والظريف أنه يقال إن نتنياهو رفض هذه المبادرة وأنه يصر على التفاوض تحت النار مع لبنان أو مع حزب الله.
وجه الظرافة أن هذا التكتيك انكشف وانفضح حتى إنه لم يعد يفيد كتكتيك لأن ذلك هو ما يحدث مع كل مبادرة أمريكية أو غربية.
فكل المبادرات الأمريكية أو الفرنسية وما شاكلها هي أصلاً تكتيكات أو تكتيكية وبالتالي لم يعد يحتاج لأي تكتيك تحت سقف تكتيك أساساً.
إذا لم تكن «إسرائيل» أمريكية فأمريكا «إسرائيلية»، وفي ظل هذه الحقيقة لم يعد يحتاج لتكتيك أو حتى «تباتيك» لأن الحالة باتت تجسد بيتاً في أغنية شعبية يمنية يقول «لا افتش مغطى ولا اغطي على مفتوش».
عادة ما تقول أمريكا إنه لم يكن لديها علم ولا معلومة عن جرائم «إسرائيل» التي ترتكب وأحياناً تتداخل «إسرائيل» لتقول إنها أبلغت أمريكا بما ستعمله أو أنها حصلت على الضوء الأخضر الأمريكي.
مادام وهذه المبادرة تعنى فقط بحرب لبنان وإعادة المهجرين الصهاينة وتتحدث عن عودة مهجري الجنوب اللبناني كأنها معادلة أو أنها تحمل إنصافاً فهي مبادرة «إسرائيلية» وإن قدمت من واشنطن أو باريس أو لندن فكلهم واحد في الهدف الذي يتمثل في فصل جبهة الإسناد اللبنانية عن غزة.
ولأن ذلك هو المحال والمستحيل وذلك ما هو معروف للعالم فإن تبني مبادرة دبلوماسية وإعلانها هو لأهداف أخرى معلومة أو غير معلومة للمهتمين والمتابعين ولا علاقة لها بمشمول ومضمون المبادرة.
ما تحمله المبادرة فاقد الاهتمام والأهمية أما رفض أو قبول نتنياهو لها فإنه بات من هزال ومهازل انكشاف وانفضاح الألعاب والتكتيكات الأمريكية أصلاً وبما لم يحدث قبلاً.
العالم تحرر كثيراً من أمريكا مما كان عليه بعد تفتت الاتحاد السوفيتي ومنطقتنا تحررت كثيراً من الاستفراد الأمريكي منذ انهيار السوفيت وأمريكا هي تحتاج للتعامل على هذا الأساس كتغيير ومتغير مع العالم ومع منطقتنا ومشكلة «أمريكا الإسرائيلية» التي هي مشكلة «إسرائيل الأمريكية» هو في الإصرار على التعامل بعقلية وبيئة ما كان في عقد ما بعد انهيار السوفيت.
ولذلك فكل جهدهم ينصب ليس فقط لفصل جبهات الإسناد عن محورية فلسطين وغزة بل أحس أنهم غارقون في أوهام أنهم قادرون على إعادة تفصيل محور المقاومة بالمقاسات الأمريكية «الإسرائيلية».
في مسألة التغيير والمتغير العالمي فإن أمريكا «الإسرائيلية» هي التي تختلف وهي التي لا تعي وهي التي تخاصم كل واقع وكل واقعية وهذا ما يتراءى وبوضوح في كل جهودها وفي كل مبادراتها.
مادمنا نعرف ونعي كل هذا عن «أمريكا الإسرائيلية» فالأفضل لها عدم تقديم مبادرات في إطار عقلية وآلية باتت ماضوية ومن الماضي.
لو كانت «إسرائيل» واثقة من الانتصار على حزب الله ما جاءت هذه المسماة «مبادرة أمريكية فرنسية»، ولو كانت «أمريكا الإسرائيلية» تثق في انتصار يتحقق في حرب إقليمية لسارت في الحرب وخارج الشرعية الدولية كما غزت العراق خارج الشرعية الدولية.
عدم قدرة «إسرائيل» على انتصار أمام حزب الله وعدم ثقة أمريكا بانتصار في حرب إقليمية يحتاج إلى تخريجات للفوضى والتقويض وهذا بات هدف أي جهود أو مبادرات أمريكية و«إسرائيل» تلعب أدوارا مكملة ومن الواحدية الأمريكية «الإسرائيلية» أساساً.
الإعلام العربي المؤمرك أساساً والذي أدمجته أمريكا بالصهينة منذ أول «كامب ديفيد» ووصل هذا التفعيل للذروة بانهيار السوفيت... هذا الإعلام بات الورقة السوداوية والأسوأ في استعمالها الأمريكي «الإسرائيلي» في هذه الفترة أو المحطة وبما لم يحدث بمستواه في الصراعات البشرية تاريخياً.
مجرد صمته عن إبادة جماعية يقر بها العالم لشعب هو جريمة كبرى وخيانة مركبة ومضاعفة، فإنه حين في الأفعال والتفعيل الإعلامي مع العدو والعدوان ومع المجرم المحتل والمغتصب ومع من يمارس الإبادة الجماعية لشعب شقيق يريد التحرر واسترداد حقوقه، فكيف لنا توصيف جرمه وعمالته وخيانته؟
«إسرائيل» وحتى أمريكا لم يعد يحس لها من قيمة ووقع أو تأثير إلا في هذا الإعلام الذي تأسس كأمركة ودفع به إلى «الصهينة» تحت عناوين اختارتها الأمركة والصهينة لمتراكم العمالات والخيانات تاريخياً.
ومع تأثير لا ينكر لهذا التفعيل الخائن الشائن ولكنه مع التكرير والتأكيد لعمالته وخيانته لم يعد يخيف ولا منه يخاف والنصر قائم وقادم للمقاومة ولمحور المقاومة رغم أنف كل العملاء والخونة!

أترك تعليقاً

التعليقات