خلفية الإبادة للشعب الفلسطيني
 

مطهر الأشموري

مطهر الأشموري / لا ميديا -
أحياناً -وربما نادراً- تجد محللاً أو مفكراً هو في اصطفاف العداء، لكنك تحس بانشداد لمتابعته، لما لديه من قدرات فكر وتفكير أو تحليل ومعلومات. بمعنى أنه قد يكون في طرحه ما يفيد في إطار موقفك واصطفافك، ولذلك ظللت أتابع حسن نميمة، وهو عربي مجنس أمريكياً، في فضائية «روسيا اليوم»، منذ حرب أوكرانيا.
وجدته فجأة في فضائية “الميادين” والمذيع يسأله عما يسمى الخطر الوجودي “إسرائيلياً”. فاجأني هذا المحلل بأنَّ طرح الخطر الوجودي “إسرائيلياً” لم يأتِ ربطاً بـ”طوفان الأقصى” وهو مطروح قبل الطوفان بسنوات، وهو ينطلق من تكاثر السكان الفلسطينيين مقابل تراجع “الإسرائيليين”.
في مثل ما قدمه فـ”إسرائيل” تقول إنها حين احتلت غزة كان تعداد سكانها ثلاثمائة ألف، وفي عام 2020 وصلوا إلى مليونين وربما أكثر من ذلك.
الاستنتاج من كل ذلك هو أن “إسرائيل” وصلت إلى أحد خيارين وذلك قبل “طوفان الأقصى”: الأول: تصفية وإنهاء القضية الفلسطينية، وذلك ما كان يجري على قدم وساق بتواطؤ عربي واسع، و”طوفان الأقصى” إنما استبق الوصول إلى إنهاء وتصفية القضية الفلسطينية.
الخيار “الإسرائيلي” البديل هو إبادة الشعب الفلسطيني، وبالتالي فالإبادة هي مشروع “إسرائيلي” من قبل “طوفان الأقصى” بسنوات.
من جانب فهم يرى هذا المتابع أن رفض مصر والأردن وسكان غزة للتهجير دفع “إسرائيل” لأن تجعل غزة مكاناً غير صالح للحياة بما يجبر السكان على الهجرة.
هناك خطر وجودي “إسرائيلي” من تكاثر ونمو تعداد الشعب الفلسطيني، وبالتالي فكل ما يروج لتبرير العدوان والإبادة “إسرائيلياً” هو محض كذب ليس له من مبرر ولا يوجد له قياس أو مقياس.
المسألة ببساطة هي أن “طوفان الأقصى” قطع طريق تصفية القضية الفلسطينية، فشرعت “إسرائيل” في خيارها البديل، وهو تصفية وإبادة الشعب الفلسطيني، وهذا ما أكده الرئيس الأمريكي (بايدن) حين قال إن “طوفان الأقصى” هدف إلى إفشال التطبيع الأوسع وعلى رأسه السعودية، وذلك يعني ليس فقط تواطؤاً عربياً، بل اتفاقاً وموافقة على تصفية القضية الفلسطينية.
إذن، السعودية تشترط حل الدولتين ووجود دولة فلسطينية، كشرط للتطبيع، فذلك معطى لـ”طوفان الأقصى” بغض النظر عن سقف مصداقية أو خداعية افتراضاً.
المشروع “الإسرائيلي” لتصفية القضية الفلسطينية هو مشروع أمريكي، والمشروع “الإسرائيلي” لإبادة وتصفية الشعب الفلسطيني هو مشروع أمريكي، وحديث “نتنياهو” عن تشكيل شرق أوسط جديد تهيمن عليه “إسرائيل” هو مشروع أمريكي.
أي مواقف أمريكية سياسية، بما فيها التهديدات ووساطات تهدئة ـ كما تقول، إنما لتمرير أو فرض هذا المشروع الأمريكي - “الإسرائيلي” وبكل ما هو ممكن.
ليس من بلد أو نظام عربي بعيد عن هذا المشروع وغير مستهدف من خلاله، بما في ذلك الأنظمة العميلة أمريكياً و”إسرائيلياً”، وعلى رأسها النظام السعودي.
لا أقول هذا البتة من باب استهداف وبأي خفايا أو خلفية؛ ولكنه مجرد وضع النقاط على الحروف فيما بات وضوحه فوق أي شك أو تشكيك.
ما أطرحه لم يأتِ أساسه وسياقه من مطبخ المقاومة أو محور المقاومة، وإنما من المطبخ الأمريكي - “الإسرائيلي” كما أسلفت. وتذكروا ما قاله ترامب أمريكا: “السعودية بقرة حلوب سنظل نحلبها حتى تجف وبعد ذلك نذبحها”.
هذا تصريح رئيس أمريكي مازالت له حظوة في العودة للبيت الأبيض، ويكفي إعادة مثل هذا التصريح لاستهداف النظام السعودي، ولا يستطيع مثلي التأثير بمستوى هذا الطرح.
ومع هذا فاستدعاء مثل هذا التصريح هو لتأكيد أنني في كل ما طرحت ليس في وارد استهداف النظام السعودي أو أي نظام عربي آخر، ولكنها حقائق واستحقاقات لا بد أن تطرح وتؤخذ في الاعتبار، خاصة والمنطقة برمتها تمر بفترة ومرحلة استثنائية ومفصلية تحتاج إلى شراكة ومشاركة في الوعي فوق التباينات أو حتى التقاطعات داخل وبين الأنظمة.
ظلت أمريكا تشترط للتوقيع على اتفاقية دفاع مشترك مع السعودية أن تطبع مع “إسرائيل”.
المحلل ذاته قال: “إن هذه الاتفاقية لم تفقد أهميتها، ولكنها في ظل الصراعات والمتغيرات الدولية أصبحت أقل بكثير في الأهمية مما كانت”، وربط ذلك بتنويع وتوسيع علاقات النظام السعودي بروسيا والصين وغيرهما.
هذا يؤكد ما ركزت عليه في شراكة وعي فوق التباينات والتقاطعات وحتى العداوات إن أردتم.
أصبح على فرضية “استهداف” في ظل هذا الوضوح للحقائق وما تفترضه من استحقاقات هو بعينه “الإسفاف”. وللمتابع والمطلع والمتلقي والقارئ أن يقرأ ويقارن ليقرر أنه استهداف أو إسفاف!

أترك تعليقاً

التعليقات