لماذا لا نندهش؟!
 

عبدالملك سام

عبدالملك سام  / لا ميديا -

لماذا لم نعد نندهش من مواقف المنظمة الأممية؟! على ما يبدو أن بطاريات الاندهاش لدينا نفدت، فقد اندهشنا بما فيه الكفاية خلال الخمس السنوات الماضية. أما آباؤنا فقد اندهشوا قبلنا ومنذ تأسيس المنظمة الأممية المسماة زوراً "الأمم المتحدة"، وحتى يوم أن سلموا لنا عهدة "الاندهاش" لنندهش بدورنا!
آباؤنا الكرام شهدوا القرارات المدهشة للأمم المتحدة والتي أضاعت القدس وقضايا أخرى، فتركوا أمر البيانات والقلق والإعراب عن الغضب للمنظمة الدولية واكتفوا بالدهشة! ولكن على الأقل شهدت أيامهم حرية التظاهر والتجمهر، وفي تلك الأيام (الجميلة) لم يكن يجرؤ أي نظام عربي أو إسلامي على أن يقول صراحة بأنه عميل أو خائن. وربما باستثناء السادات، لم يتجرأ أي أحد على مد يده إلى أيدي أعداء أمته، إلى أن تم تنفيذ خطة الرئيس الأمريكي أيزنهاور، والتي قضت باستبعاد مصر من قيادة الشارع العربي، وإحلال النظام السعودي محلها، فقد اعتقد الأمريكيون أن هذا الأمر كفيل ببدء عصر جديد من الوقاحة والعربدة العلنية، وهو ما حصل فعلا!
تكلمت في مقال سابق عن موقعنا كمتفرجين لما يحدث، وليس كفاعلين، لكن يبدو أنني كنت مجاملا في كلامي ذاك، فالحقيقة أننا لم نعد حتى متفرجين، بل أصبحنا لا نهتم حتى بالتفرج! يتم ضرب بلد عربي من قبل الأعداء ولا تجد أحدا يهتم بالتفرج سوى الجيل الذي يسبقنا. أما نحن فنفضل أن نجتمع أمام التلفاز لنشاهد مباراة كرة قدم أو مسلسل مخل بالأخلاق أو حتى برنامج سخيف عن مواهب لا تقدم أي شيء مفيد، بينما شعوب العالم -حتى دول العالم الثالث- تتسابق على نيل الميداليات والجوائز في العلوم والرياضة والثقافة، ونحن مشغولون بأشياء لا تليق بنا كأمة محمد. لقد استطاعوا أن يميتوا فينا الشعور، واختفت القيم التي عرفنا بها حتى قبل أن ندخل الإسلام! فماتت النخوة والإباء والكرامة والنجدة.
لماذا نلوم الأمم المتحدة وهي تمارس القوادة على شعوبنا العربية والإسلامية، في حين أننا لم نعد نشكل أي مصدر للقلق بالنسبة لأعدائنا أو لها؟! لقد وصل بنا الحال من دول معتدى عليها سابقا إلى دول تعتدي على نفسها خدمة للأعداء، وتحول موقفنا من دول تكتفي بالمظاهرات والتنديد إلى دول تمد يدها للتطبيع مع العدو، بل والوقوف ضد أي دولة تصرخ من الألم، ففي زمن أصبح فيه النظام السعودي قائدا للأمة تحول كل موقف ضد الأعداء ذنبا يستحق العقاب الجماعي، وأصبح التنديد بالجريمة جريمة، والدفاع عن نفسك ذنباً.
أقسم بالله إنه لولا موقف محور المقاومة ضد كل ما يجري من امتهان وإذلال لكان حرياً بنا أن ندفن أنفسنا أحياء، فموقف هذا المحور المقاوم يبعث الأمل بأننا مانزال نمتلك شيئا من القيم والمبادئ التي جاء الدين ليبعثها في هذه الأمة. أما بقية الأنظمة المأزومة والمتورطة في العمالة فهي إلى زوال، سواء كان هذا بيد شعوبها بعد أن ترى النموذج المقاوم وهو يحقق الانتصارات، أو على يد أمريكا و"إسرائيل" اللتين لا تحملان أي خير للشعوب أو للأنظمة العربية والإسلامية، فلا يغرنكم ما يجري من تكالب، فالله مع الشعوب التي ماتزال تحمل في داخلها جذوة الثورة ضد الطغيان والظلم.
لذلك كله لا يجب أن نندهش من موقف منظمة أنشئت أصلاً للدفاع عن مصالح الاستعمار. وسواء قالت إن السعودية هي من قتلت أطفال اليمن أم لا، فالأمر غير مهم طالما نحن نعرف من هو المجرم. وأؤكد هنا أنه بمجرد أن تلوح علامات على قرب سقوط نظام العمالة السعودي وباقي الأنظمة الخائنة فإننا سنجد أن هذه المنظمة المرتزقة سوف تضيف هذه الأنظمة لكل قوائم العار والجريمة بدون أن نطلب منها. الأمر بيدنا نحن، فلنركز على هدفنا ونبذل قصارى جهدنا لتغيير حالة الاستضعاف التي نعيشها. وعندها فقط سنجبر العالم على احترامنا والوقوف خلفنا. لنكف عن الاندهاش، ولندهش العالم بما يستطيع فعله جند الله وأنصار دينه. فأمل الشعوب المقهورة معقود بما سنحققه نحن. وبمجرد أن نبدأ بكسر الأغلال سنجد كل الصامتين يتحركون وراءنا، والله معنا ولن يخذلنا.

أترك تعليقاً

التعليقات