هناك...
 

عبدالملك سام

عبدالملك سام / لا ميديا -

الليل دامس، وأنيسك الوحيد ذكر الله. العيون ساهرة تحرس الثغور، وكائنات لا حصر لها تلهج بذكر الله معك. العدو منكشف ويائس وبائس، والشيطان ترك العالم بأسره وأتى إليك ليثنيك عن جهادك ويضعف عزيمتك، وكلما وسوس جاهدا اصطدم بصبر الرجال الصادقين مع الله، فيعود خائبا وهو حسير يجرجر أذيال الخيبة.
إذا كان الله معك فمن ذا ضدك؟! في الجبهات رجال صدقوا الله ما عاهدوه فانتصروا به، أمدهم الله بتأييده، فهم سعداء بما يفعلون حتى صارت الجبهات أحب إليهم من أي مكان آخر، يشعرون فيها بقربهم من خالقهم الذي أيدهم، فنكلوا بعدو الله وعدوهم الذي أصبح محلا للسخرية رغم ما يملكه من أحدث الأسلحة وأكثرها فتكا، وإذا بأتباع الشيطان يذوبون من شدة خوفهم ويفرون تاركين وراءهم حصونهم وأسلحتهم وعتادهم في آية أخرى للمؤمنين.
من صدق مع الله وتخطى كل مخاوفه التي يبثها الشيطان الرجيم في قلبه لمنعه من التحرك سيشعر هناك بمدى سخف تردده، فلا شيء هناك سوى الطمأنينة والراحة، وهناك تجد حلاوة الوصول إلى اليقين الذي يتجلى أمام ناظريك آيات يوما بعد آخر، وستشعر بالفارق الكبير بين ما كنت عليه وما أصبحت عليه كلما طال مكوثك هناك.
أيها المتردد الخائف تحرك. أيها المسكين التائه تحرك. هناك جواب لكل مسألة نغصت عليك عيشك، وهناك محاريب تعرج فيها إلى أقرب نقطة من خالقك الرحيم، وهناك أبواب إلى الجنة التي طالما سمعت عنها واشتقت لرؤيتها. ستعود بعد فترة من الرباط تاركا جزءا من روحك هناك. ستعود وقد تغيرت نظرتك. ستحمل معك نورا تمشي به بين الناس، وستعرف القيمة الحقيقية لكل شيء حولك، وستحمل بداخلك نعيماً وسكينة لا يمكن أن تحصل عليهما في أي مكان آخر، سوى هناك...

أترك تعليقاً

التعليقات