لحظة صدق
 

عبدالملك سام

عبدالملك سام / لا ميديا -
عندما توجه أبواق العدوان، الناس نحو مواضيع معينة، هي بالتأكيد لا تريد لهم الخير، وإلا لكانت عملت على فضح ما يسببه العدوان من معاناة وانتهاكات ونهب لكل يمني، حتى لأولئك الذين رضوا باحتلال مناطقهم ومدنهم، فالكل يعاني دون استثناء، بل من في مناطق السيادة الوطنية يعيشون أفضل من أولئك الذين قبلوا بالخضوع والخنوع.
كان المفترض، أن يدرك الجميع أن ما يريده عدونا هو أن يكسرنا ويستعبدنا، وأن يحتل موانئنا ومطاراتنا وينهب ثرواتنا، وأن نقتل بعضنا البعض.. ولكن للأسف، فهناك من يظن أن الأمر سيكون مسليا لو قام بدور الخائن، وأن الأمر لا ضرر فيه لو ثرثر قليلا بدافع أن يشعر بأنه مختلف في حين أنه ليس أكثر من أحمق لا يدرك عواقب الأمور.
جبهات القتال صارت عصية على المحتلين وعملائهم، وبفضل مقاتلينا نحن نعيش حالة من الاستقرار والطمأنينة، بينما المناطق المحتلة تعاني من الفقر والانتهاكات وضياع الأمن؛ أي أن معاناتهم أكثر من معاناتنا، ولذلك هم يدفعون بعوائلهم للنزوح إلى مدننا وقرانا بحثا عن الأمن والاستقرار.
ولكن بدل أن يجعلنا هذا الأمر نكون ممتنين لما نتمتع به من أمن في ظل هذا العدوان الغاشم، سعى البعض إلى محاولة تعكير صفو حياتنا بدوافع عدة، منها أن البعض حاقد على كل شيء، لأنه كان مراهنا على عكس ما يحدث، والبعض بدافع الملل لأنه لم يتحرك ولا يعجبه أن يتحرك الآخرون، والبعض بدافع الظروف الصعبة انهزم نفسيا وبات يلقي اللوم على الجميع، وبالنتيجة الجميع سيدفع ثمن هذه النزعات الأنانية.
من كان يعتقد أن أفعاله الهدامة لن تؤثر عليه فهو واهم، أو أنه سيكون بمنأى عنها فهو واهم، لأن البديل عن النعم هي النقم، بينما الخاسر الأكبر هم أولئك الذين رهنوا مصير بلدهم وشعبهم للمحتل الأجنبي، ولينظر كل منا لأكبر «مسؤول» في المناطق المحتلة كيف يمكن لأصغر مرتزق أجنبي أن يصفعه ويهينه ويتبول عليه!
هناك اختلالات، وهذا أمر يحدث، ولكن أليس الاحتلال والعدوان أولى من تصفية الحسابات في ما بيننا؟! ثم إن الأمر بالغ التعقيد، وكل منصف يعرف أن هناك أعباء، لأن 80% من السكان يعيشون في مناطق السيادة الوطنية، بينما 80% من الإيرادات في مناطق سيطرة المحتلين ومرتزقتهم!
علينا أن ندرك أن ما بأيدينا هو أفضل المتاح، ويجب أن نرسم حدودا لانفعالاتنا بحيث لا نتيح للعدو مجالا لينشر سمومه فتفلت الأمور من أيدينا. وعلينا أن ننظر للأوضاع في المناطق المحتلة لندرك قيمة ما نحن فيه، وأن يضع كل واحد منا نفسه في محل المسؤولية ويحاول إيجاد الحلول لا المشاكل، وأن ندرك أننا مسؤولون أمام الله وخلقه عن كل كلمة ننشرها في مجتمعنا، وأن نواصل ما بدأناه من صبر وتعاون على الخير حتى يتحقق النصر والسلامة لنا جميعا، فنحن على ذات المركب.

أترك تعليقاً

التعليقات