القبول بالآخر
 

د. مهيوب الحسام

د. مهيوب الحسام / لا ميديا -

"يجب على اليمنيين أن يحكموا العقل ويقبلوا بالآخر، فالحرب جلبت المآسي لكل اليمنيين، والحوار في ما بينهم والقبول بالآخر هو الحل". هكذا يقول معتدلو المرتزقة بعدما تخلى عنهم سيدهم، كأنهم ليسوا هم من رفض الحوار بين اليمنيين، وذهبوا للآخر (الأجنبي) المستعمر الغازي المحتل عدو الله وعدو الشعب اليمني كله وعدوهم أيضاً، وذلك لأنه لايزال يحسبهم على الشعب اليمني الذي تخلوا عنه هم وتحالفوا مع العدوان ضده بالقتل والحصار والتجويع.
يقولها المرتزقة (المعتدلون) وهم في حضن الآخر لم يتخلوا عنه بعد، ولم يتخذوا موقفاً منه، ناهيك عن أنهم لم ولن يقفوا ضده، فالمسألة التي تربطهم به ليست عقائدية أو فكراً أو ديناً (أعني دينهم) فحسب، بل المسألة برمتها مصالح دنيوية خالصة، فاستثماراتهم بيده، وأرزاقهم بيده، كما يعتقدون، ومصيرهم بيده كما يؤمنون، لذلك فإن له الحق أن يشكروه وهو يجلدهم ويكسر ظهرهم، بل يستهدفهم ويضربهم ويقصفهم ويقتلهم، وهذا هو الذل بعينه والسقوط بأعينهم وبعين سيدهم. لهذا تجدهم يزيفون الحقائق ويقلبون لك الأمور خدمة للعدوان، ويحاولون شيطنة الشعب اليمني الثابت على الحق ومع الحق، ويصفونه بأنه يرفض الآخر، وهذا دليل غيهم وبغيهم وأنهم لا يؤمنون بأنهم يمنيون، فالتناقض في قولهم واضح؛ يدعون لحوار بين اليمنيين والقبول بالآخر مع أنه من المفترض أنه إذا تحاور اليمنيون يجب ألا يكون بينهم آخر، فكلهم يمنيون، والآخر هو عدوهم ويجب عدم القبول به من الجميع، لأن القبول به يعني القبول بالعدوان، وهو أمر يجب أن يكون مرفوضاً جملة وتفصيلاً، قال تعالى: "لقد ابتغوا الفتنة من قبل وقلبوا لك الأمور حتى جاء الحق وظهر أمر الله وهم كارهون" [التوبة: 48].
والسؤال هنا من المقصود بالآخر إذا كان الحوار سيجري بين يمنيين؟ فبالمنطق والعقل أليس الآخر هو الغريب عنهم، وإن جازت تسمية اليمنيين أطرافاً فمن رفض من؟ أليس الطرف الذي رفض الحوار وذهب مع الآخر وتحالف معه في العدوان على اليمن أرضاً وإنساناً، ويا ليت أنه تحالف، بل عمل معه وبإمرته، هو الذي رفض الطرف الآخر (الوطني)، ولما رفضه الآخر الأجنبي الذي باع نفسه له عاد وهو ليس صادقاً في قوله الذي يخالف فعله، وإنما هو باحث عن مكاسب ليرفع سعره لدى سيده فقط، فهو رغم ما حل به من الآخر لم يتخل عنه ولم يرفضه ولم يفكر برفضه، لأن قراره لم يعد بيده، فهو لايزال عبداً ذليلاً لدى "سيده" الآخر الذي والاه وبايعه واصطف معه وشاركه عملياً في العدوان على وطنه وشعبه، والطلب من اليمنيين أن يتحدوا معه وليس مع الحق ضد الباطل، فهي مغالطة وإصرار على الخيانة والارتزاق.
لذا فإن الأحرى بالطرف الخاضع للعدوان تحديد موقفه إن أراد العودة للحق، أما الطرف الوطني فقد حدد موقفه منذ اللحظة الأولى للعدوان رفضاً ومواجهة وقوفاً مع الله الحق، ومع وطنه وشعبه، بعزة وكرامة، وقدم التضحيات في سبيل ذلك، وحقق الانتصارات، والآن ظهر للجميع من مع الحق ومن مع الباطل.

أترك تعليقاً

التعليقات