أزفت ساعة العدوان
 

د. مهيوب الحسام

إن ما يحصل من العدوان (السعوصهيوأمريكي) في سواحلنا الغربية من هجوم انتحاري مميت، وما يحصل له ويحيق به، لا يحتاج لمفتٍ وهابي أو مطوع يساري أو قارئ كف أو فنجان لمعرفة أنه يرسم بوضوح خط سير نهايته التي لا تسره. وما حرص العدوان، وإقدامه عن سبق إصرار وترصد، على الارتماء في أحضان تلك الهزائم التي تتقاذفه من شاطئ لآخر على طول سواحلنا وعرضها من ميدي وباب المندب، وذوباب، حتى المخا، إلا دليلاً على أنه إما مختل أو مُساقٌ لحتفه على غير هوى، ولا هدى، أو كلاهما معاً نعوذ بالله من الخرف، أو أنه قد أدمن هزائمه كما أدمن شعبنا بجيشه ولجانه الشعبية انتصاراته، أو أن الله سبحانه من عليائه قد قدر  نهاية العدوان لشدة طغيانه، ثم اختارنا لذلك.
إن سلوك العدوان بهرولته نحو إنجاز ما لا ينجز، يعبر بجلاء عن سيكولوجية محبطة ناتجة عما أصابه من هزائم صادمة لحد الرعب، هزته من أعماقه، مؤذنة باقتلاعه من جذوره. إنه وخلال عامين من عدوانه لم يحقق شيئاً سوى هزائمه المتلاحقة، وجرائم قتل وإبادة بحق الشعب اليمني، سيلاحق بها ما دامت السماوات والأرض، ولن يفلت. وإن ما يحصد وما يتجرع على يد أبطال الجيش واللجان، مما يليق به وبأبلته تريزا ماي التي أتت علها تعيد أو تستنسخ مجداً أزف لإمبراطورية هلكت من وعلى ذات السواحل، ولقد خانتها الذاكرة، فنسيت الأبلة أن الشمس قد غابت إلى غير رجعة عن إمبراطورية الشر الاستراتيجي تلك التي قبرناها للأبد في شواطئنا وسواحلنا ذاتها في الـ30 من نوفمبر 1967م، وخطتها وأسلافها ومشاريع غربها المستعمر التقسيمية للمنطقة تتفتت، وتتمزق اليوم أمام ناظريها، وعشاقها من حكام خليج الزيوت، فلم يبق لها شيء سوى حلم بعودة، ومشروع استعماري مهزوم، وأطلال من ربيع عبري لعرب لم يبق منه سوى بعض أيادٍ، وأدوات بمنتجعات وملاهي تركيا، ورماد من عاصفة.
لقد جنى العدوان على نفسه عندما اصطدم بشعب هو أصل شعوب الأرض قاطبة، والإنسانية كلها، يتمتع بإرث حضاري عربي خالص، وعمق تاريخي عمره 9000 عام، ومخزون طاقة كامن ليس لدى غيره من الشعوب، وقيادة واعية مدركة، وجيل انتصارات لا ينكسر ولا يعرف هزيمة، ولا يخضع لتسويات، يأبى الذلة، يتمتع بأخلاق وقيم في الحرب يفتقدها عدوه في السلام، يذيق عدوه من مر الهزائم أضعاف ما توعده به، جيل لو اجتمع العالم، وأجمع على هزيمته، ما استطاع، فهو بالله أقوى، وهم أذل، وأضعف، ما بالك إذا كان الجيل طلائع شعب يأبى الضيم والظلم، ويرفض التبعية والذل، يمضي بهيهات منا الذلة نحو انتصاراته، كما يمضي عدوه نحو هزائمه، جيلٌ يواجهُ العدوان تنفيذاً لأمر ربه، قال تعالى: (وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا إن الله لايحب المعتدين) (البقرة: 190)، وقال: (إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله فيقتلون ويقتلون وعداً عليه حقاً في التوراة والإنجيل والقرآن، ومن أوفى بعهده من الله فاستبشروا ببيعكم الذي بايعتم به وذلك هو الفوز العظيم) (التوبة:111)، آية تشير بوضوح إلى النصر (كلمة فيقتلون تعني ينتصرون).
ورغم ما يملك العدوان من عتاد يفوق عشرات أضعاف ما يملك الشعب اليمني من عتاد، إلاّ أن ما يحل به من زلازل وأعاصير عاتية، وهزات، وهزائم عاصفة مذلة، لهي البوصلة الدالة على الاتجاه الإجباري نحو الهزيمة النهائية الواضحة لهذا العدوان المتغطرس، على يد طاقات هذا الشعب من أبنائه في الجيش واللجان.
التحية والإجلال للشعب اليمني العظيم الثابت الصابر المحتسب، ولجيشه ولجانه الشعبية.. الرحمة والخلود للشهداء أطهر من في الأرض وأنبل بني البشر.. الشفاء العاجل للجرحى.. الحرية للأسرى.. الخزي والعار للخونة الأنذال.. اللعنة على أنصاف الرجال.. سحقاً لمن يصفق للعدوان على شعبه وأرضه، وعرضه.. السلام على كل مقاوم للعدوان والغزو، والاحتلال.. السلام على توشكا، وبركان، وما بينهما، وما بعدهما، وما تحت الثرى.. الهزيمة والموت للعدوان من ميدي وصولاً للمخا.. النصر للشعب اليمني العظيم.

أترك تعليقاً

التعليقات