مشاورات عن بعد
 

د. مهيوب الحسام

د. مهيوب الحسام

لا يوجد أطراف يمنية متحاربة ومتقاتلة فيما بينها، فكل الأطراف كانت متفقة تتحاور في موفنبيك على تشكيل حكومة شراكة ووحدة وطنية ومجلس رئاسي، وكل الأطراف كانت قد أنجزت 99 % من الاتفاق على ذلك، وجاء العدوان (السعوصهيوإماراتي) الوكيل على اليمن وبإيعاز من الأصيل (الصهيوأنجلوسكسوني) حيث تم إعلان الحرب العدوانية من واشنطن وليس من الرياض وبغرض إفشال ذلك الاتفاق، وهذا بشهادة مبعوث الأمم المتحدة آنذاك جمال بن عمر أمام مجلس الأمن، وهذا مثبت ولا تناكر حوله، بمعنى أن العدوان كان معداً والقرار متخذاً منذ وقت مبكر ولم يبق سوى إعلان ساعة الصفر لتعلن في 26 مارس 2015م، وعليه فالحرب على اليمن ليست حرباً أهلية وليس فيها سوى طرفين: طرف معتدى عليه وهو الشعب اليمني، وطرف آخر خارجي معتدٍ على الشعب اليمني وهو تحالف العدوان أصيله والوكلاء، رغم أن هناك جزءاً من الشعب قرر الالتحاق بالعدوان اختيارياً غير مكره وشاركه بقتل الشعب لذا فهو محسوب على العدوان الذي يقاتل بصفه وبعدما قرر طوعاً أن يكون عدواً للشعب، ولذلك لا يحسب على الشعب من قرر أن يكون عدواً له، وبالتالي فإن حكمه حكم العدو الأصيل ومرتزقته، لأنه جزء أصيل منه، ولذا لا فرق بين عبد ربه وبن دغر والبركاني أو الصوفي وبين أي جنجويدي سوداني أو أي فرد من بلاك ووتر الذين يقاتلون بصف العدوان، هذه حقائق ثابتة يعرفها ويدركها الشعب اليمني الذي يتعرض للعدوان للعام الرابع، لذا فإن أي مشاورات أو مفاوضات لن يكتب لها النجاح ما لم تكن بين معتدٍ ومعتدى عليه، أي بين العدوان والشعب اليمني، أساسها تحمل المعتدي تبعات عدوانه. 
إن الشعب اليمني الذي يتعرض لهذا لعدوان الصهيوأمريكي لا يعول على مشاورات ولا حوار برعاية شريك العدوان "الأمم المتحدة" ما بالك بمشاورات يغيب عنها المعتدي تماماً؟! هذا أولاً. وثانياً هي مشاورات عن بعد، ليس البعد المكاني فقط وإنما تشمل بعداً عن الصدق والحق والعدل، وهي متنقلة ولا أعتقد أن مشاورات من هذا النوع تحتاج سفراً ورحلات طيران، حيث يمكن للمبعوث أن يقوم بها من خلال لابتوب أو من هاتفه عبر رسائل الواتس أو الفيس أو غيره من تطبيقات التواصل بين من يعتقد ويظنهم أطرافاً، موفراً على نفسه وغيره هذا العناء الذي لا طائل منه. وإذا كانت منظمة الأمم المتحدة والعدوان جادين فيما يزعمون من إنهاء الحرب العدوانية على الشعب اليمني فإن ذلك لا يحتاج مشاورات وحوارات، فالأمر بسيط جداً وهو أن من قام بالعدوان واتخذ قراره بالحرب العدوانية عليه أن يتخذ القرار بوقف العدوان ويتحمل تبعات عدوانه وكفى الله المؤمنين القتال، ونتعهد بأن الشعب اليمني لن يعترض على ذلك ونضمن له ذلك، لهذا لا يحتاج المعتدي مشاورات وحواراً لوقف عدوانه إلاّ إذا كان غير صادق أو يريد استسلاماً وهو أبعد من الشمس، وإن أراد جريفيتث ذلك فعليه اللحاق بسلفه (ولد الشيك). 
إن الشعب اليمني المواجه للعدوان يدرك أكثر من أي وقت مضى أن عدواناً بهذا الحجم والظلم والاستكبار والغرور والعنجهية وبهذا القتل والإسراف بالقتل والذي حدد لنفسه أسبوعاً أو شهراً للحسم لم يتم القيام به ليتوقف بمشاورات أو حوار، وذلك لأن هذا العدوان يؤمن إيماناً مطلقاً بأن أمريكا والغرب والصهاينة على كل شيء قدير، وما يزال يعتقد بأنه لم يحن الوقت لوقف عدوانه ولا يزال يملك من النفط والنفوذ ما يمنع هزيمته، ظاناً بأن النفط يصنع النصر، وهنا هزيمته، بينما الشعب اليمني يواجه ويؤمن إيماناً مطلقاً بأن الله أقوى من أمريكا والصهاينة وتحالف العدوان، ويؤمن بأنه معتدى عليه، ويواجه مؤمناً بعدالة قضيته وبنصر الله له في كل ميادين المواجهة، وهذا الفرق بين العدوان والشعب اليمني المعتدى عليه وهنا سر انتصاراته.
إن من يرعى المشاورات هو طرف في العدوان والقتل. وإن حواراً أو حتى مفاوضات برعايته ما لم يجنح للسلم ويكن طرفاً فيها هو أمر لا يستقيم ودفاعنا عن النفس والأرض والعرض قال تعالى: (وإن جنحوا للسّلم فاجنح لها وتوكل على الله إنه هو السميع العليم) [الأنفال: 61]. أما إذا كانت المشاورات مع مرتزقة العدوان برعاية العدوان بحثاً عن رضاه فهو عبث؛ يقول تعالى: (ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم) [البقرة: 120]. 
إننا ورغم الحرب المباشرة والحرب الاقتصادية غير المسبوقة وحصار وتجويع لسنا بحالة ضعف، بل إننا بالله أقوى، وعندما تستطيع شريكة العدوان (الأمم المتحدة) حماية طائراتها من اختطاف العدوان حينها نفكر بمشاورات ترعاها أو تكون جزءاً منها.
التحية للشعب اليمني المواجه للعدوان الذي يعول على الله وعلى سواعد أبطال مجاهديه ولا يعول على مشاورات عن بعد. التحية لقيادته الثورية ولروح رئيسنا الشهيد صالح الصماد صانع الانتصارات، سلام عليه يوم ولد ويوم عاش حراً أبياً وقاد شعبه بعزم وإخلاص ويوم ارتقى شهيداً، سلام عليه قرارات صائبة وتعيينات سوية. والرحمة والمجد والخلود لأرواح كل الشهداء. الشفاء للجرحى. الحرية للأسرى. الهزيمة للعدوان. النصر للشعب اليمني العظيم.

أترك تعليقاً

التعليقات