العدوان في حالة دوار
 

د. مهيوب الحسام

هل أتى على العدوان (أصيله والوكيل) حين من الدهر كان أكثر تخبطاً، وجزعاً، وهلعاً، ودواراً منذ بدايته على اليمن، مما هو عليه الآن؟ لا أظن ذلك.
إن العدوان (السعوصهيوأمريكي) على اليمن يمر بحالة دوار حقيقي سببه ثبات، وصمود الشعب اليمني العظيم بوجهه، ومواجهته، وهزيمته في كل مواجهة على الأرض، ونتيجة لما يتلقاه من ضربات على كل الصُّعد الميدانية، والسياسية، والاقتصادية، والمعنوية، هزت ثقته بنفسه، وما حشد، ولذلك فهو يعيش حالة أرق، ورهاب من القادم، وما حصده في الشهباء مؤخراً من هزيمة استراتيجية كسرت ظهره، وأدت لتدمير مشروعه التقسيمي للأقطار العربية (شرق أوسط جديد)، والذي تحطم على صخرة صمودنا، وانتصاراتنا أولاً، وانتصارات الجيش العربي السوري، وخصوصاً حلب ثانياً، ما أدى لفقده التركيز، والتوازن معاً، وشل قدرته على التصرف، كاشفاً عورته، مظهراً سوأته، مبيناً هشاشته، وقرب أجله.
القرار الأممي يوم الجمعة 23/12/2016م، الذي يدين استيطان بني صهيون بالضفة، والقدس، ويقر عدم شرعيته، ويدعو لوقفه، هو دليل على حالة الارتباك، والخلل الذي حل بالعدوان أصيلاً، ووكلاء، والذي على ما يبدو سيضع العالم المظلوم حداً لشره المستطير قريباً، وهنا فإن من ينتصر، ويذوق طعم النصر، يذيق عدوه، وخصمه الهزيمة بالقدر ذاته، كماً، ونوعاً، ولا يختلف إلاّ في مذاقه فقط، ومن يذق طعم الهزيمة يدرك لاشك قيمة طعم النصر رغم عدم تذوقه له، ومن يستثمر في الهزيمة في مكان مرة، لا أعتقد أنه يمكنه استنساخ الاستثمار ذاته في مكان آخر مرة أخرى، وما مشاركة تركيا أردوغان العثماني في اجتماع مع روسيا، وإيران، إلا لعجزها عن الاستمرار في استثمار هزيمتها بحلب في مكان آخر، وهو يأتي تغطية، وتخفيفاً، وتلطيفاً لنتيجة حلب التي كتبت تاريخاً جديداً للأمة.
إن هزيمة الإرهاب المعتدل، والمتشدد، وحلفائه في حلب، فتحت من أبواب التنسيق والتعاون الاستراتيجي بين محور المقاومة وحلفائه، أوسعها، ومنحت المحور مرتبة متقدمة في تشكيل قطب عالمي جديد، وقوة لا يمكن تجاوزها، وأعطته دوراً رائداً في مكافحة الإرهاب يُعتمد عليه عالمياً، وأكسبته مصداقية، وثقة كبيرة، ولا يستبعد حضور هذا المحور، خصوصاً روسيا، في العام 2017م، في العراق، واليمن، وتركيا ذاتها، وكيان (بني سعود)، ومناطق كثيرة موبوءة بالإرهاب، وصولاً لأوروبا، لمكافحة البؤر الإرهابية فيها، وحيثما وجدت، نتيجة لحاجة العالم لذلك، وقدرة، وكفاءة، وفاعلية، ومصداقية المحور في مكافحة الإرهاب، خصوصاً وأن ما بعد حلب يمنح العالم فرصة لتقرير مصيره.
إن ما لحق بالعدوان من دوار ميداني، وسياسي، واقتصادي، ومعنوي، وقيمي، وأخلاقي، يؤذن بتشكل نظام عالمي جديد متعدد الأقطاب، متجاوزاً الأدوار الوهمية أو الثانوية المعمول بها، إلى الاعتماد على أدوار حقيقية.
إن دوار العدوان بات واضحاً، وأكثر وضوحاً في كيان (بني سعود) وكيل العدوان، وأكبر خاسريه قريباً، فما يقوم به من الدفع بكبار قادة مرتزقته إلى محرقة نهم للتخلص منهم بأتونها في جرد ختامي للعام 2016م، لهو دليل على دواره المؤذن بالسقوط الذي هو الابن الشرعي للدوار ونتيجته، فكل سقوط لابد يسبقه الدوار (الأب الشرعي له)، وما اجتماع سلمان الاثنين 26/12/2016م، ليعلن عن تبرعه بـ20 مليون ريال لإغاثة الشعب السوري، إلا دليل آخر على آخر مراحل الخرف والعجز، والدوار الذي يمر به الكيان. إن هذا المبلغ تستطيع الفنانة مريام فارس التبرع بأضعافه، وكذلك هيفا وهبي.
المليك الخرف أنفق مئات المليارات من الدولارات لقتل الشعب السوري، منذ 6 سنوات، ويتبرع بـ20 مليون ريال! إنه نظام وملك وأسرة لا تعي شيئاً ولا تدرك، بمن فيهم سفير واشنطن بالرياض عادل جبير، الذي لم يطلع سيده على الخارطة التي نشرتها صحيفة (الواشنطن بوست) في شهر أكتوبر الماضي، وما تضمنته من تقسيم للمهلكة، والتي في ضوئها يجب على شعب نجد والحجاز، محاسبة الأسرة على ذلك، وإن حسابها لآتٍ، وساعاتها أزفت، ويبدو أن الكيان سيكون الخاسر الأكبر عام 2017م، فكل الشواهد تؤكد ذلك، وترشحه للوقوع في الحفرة التي ظل يحفرها لغيره، فقد أحاط نفسه بأخطار لا قبل له بها.
التحية للجيش، واللجان الشعبية.. الرحمة للشهداء.. الشفاء للجرحى.. الحرية للأسرى.. الهزيمة والموت للعدوان.. الخزي والعار للخونة.. اللعنة على أنصاف الرجال.. النصر للشعب اليمني العظيم.    

أترك تعليقاً

التعليقات