السودان وجماعة التمكين
 

د. مهيوب الحسام

د. مهيوب الحسام / لا ميديا -

في زمن الانحطاط والذل والهوان والتبعية والارتهان والسقوط الأخلاقي والقيمي لسلطات وحكومات الأنظمة العبرية في الوطن العربي، سلطات الركوع والخنوع والهرولة ليس للتطبيع فحسب، بل التحالف مع الكيان الصهيوني المحتل لفلسطين وعدو الشعوب العربية، ينهض الشعب السوداني من تحت ركام سلطة جماعة التمكين القاتل والتمزيق الممنهج الجاثمة على صدره منذ 30 عاماً، ورغم ذلك ينطلق بثورته الشعبية السلمية الهادرة ضد إحدى أسوأ سلطات الارتهان والعهر (العربي)، وبصبر وثبات وعزم على استعادة عزته وكبريائه وعروبته وحريته واستقلاله وتحرير قراره الوطني، وهي الثورة الشعبية الثالثة في تاريخ السودان الحديث ما بعد الاستقلال من الاستعمار الأجنبي البريطاني المباشر، حيث كانت الأولى في 21 أكتوبر 1964م ضد سلطة الفريق إبراهيم عبود المنقلبة على العهد المدني الأول الذي استمر عامين عقب استقلاله في 1 يناير 1956م، وثورته الثانية في 6 أبريل 1985م ضد سلطة جعفر النميري، وهذه ثورة 19 ديسمبر 2018م هي ثورته الشعبية الثالثة ضد سلطة تمكين الإخوان للمستعمر من تنفيذ مشروعه في السودان والأمة، والذي عجز عن تنفيذه أثناء احتلاله المباشر للسودان، وإلى جانب ذلك، فإن هذه السلطة هي إحدى الركائز الرئيسية للصهيوأمريكي التي يعتمد عليها في تنفيذ آخر مشاريعه المسمى صفقة القرن، الهادفة لتصفية قضية الشعب الفلسطيني، ومن ثم التطبيع الكامل، بل التحالف الاستراتيجي بين السلطات العربية وكيان الاحتلال. 
إن هذه السلطة تتهاوى اليوم أمام فعل هذه الثورة الشعبية الهادرة في الشوارع لاسترداد حرية الشعب المسلوبة والعدالة الغائبة عنه منذ انقلاب هذه السلطة على الحكم في 30 يونيو 1989م، وباسم حركة الإنقاذ الوطني التي للأسف لم تنقذه سوى من الاستقرار والاستقلال والوطنية، وأدخلته في حروب داخلية مقدسة لدى الاستعمار، وفتتت نسيجه وقسمته وأفقرته وجوعته، وانتهكت كل الحرمات وحاولت تمويته بعدما كان السودان حياً أرضاً وإنساناً. وللعلم فقد كان السودان سباقاً في الدفاع عن الأمة العربية وقضاياها ولم شتاتها، والقمة العربية الرابعة قمة اللاءات الثلاث في 29 أغسطس 1967م (لا صلح، لا اعتراف، لا تفاوض مع الكيان حتى تعود الحقوق العربية كاملة لأصحابها)، والمصالحة العربية التي تمت فيها، شاهد على حضور السودان ودوره الفاعل في قضايا أمته، إلى جانب حضوره وإسهامه الفاعل في الإعمار والبناء في معظم الأقطار العربية، حتى وصول جماعة التمكين التي دمرت السودان، ولاتزال، وبصماتها القاعدية ومشتقاتها موجودة في كل محاولات تدمير الأمة. 
لذلك فإن هذه الثورة هي ثورة ضد العدوان الاستعماري الصهيوأمريكي على الأمة العربية، وإفشال لمشاريعه الخبيثة التي تستهدفها. وبسقوط هذه الجماعة في السودان تسقط فروعها وأذرعها ومخالبها الشيطانية في أقطار الأمة، فهذه الجماعة هي شجرة زقومية خبيثة ملعونة ما لها من قرار، وعلى كل شرفاء وأحرار الأمة الوقوف إلى جانب الشعب السوداني ومساندته لاجتثاث هذه الجماعة واقتلاعها من جذورها.

أترك تعليقاً

التعليقات