مخاض النصر
 

د. مهيوب الحسام

كل مخاض مؤلم، ولا يوجد مخاض بلا ألم، حتى مخاض الانتصار مؤلم أيضاً، نظراً لما فيه من تضحيات وما يدفع فيه من ثمن في سبيل الدفاع عن النفس والمال والأرض والعرض والكرامة والسيادة والقرار، لهذا فإن ألماً عن ألم يفرق بالطعم واللون والرائحة والنتائج، فالصبر والثبات، وتحمل الألم هو من موجبات النصر، ويهون كل ألم في سبيل الوصول للنصر الذي ترجوه.
إن الصبر على الألم في سبيل الله لرد عدوان ظالم واستعادة السيادة، والتخلص من الوصاية، يكون ألماً بطعم الحرية وبنكهة العزة والكرامة وبلون الفرح بالنصر الموعود، وما ألذ طعم ألم المخاض إن كان في سبيل النصر. أما ألم المخاض المؤدي لخيبة وهزيمة، فإنه كارثة، حيث يؤدي ذلك لألم ثلاثي الوجوه بدلاً من ألم واحد: ألم المخاض، وألم اليأس والإحباط، وألم الهزيمة بعد المخاض وخزي في الآخرة، يقول تعالى: (ولا تهنوا في ابتغاء القوم إن تكونوا تألمون فإنهم يألمون كما تألمون وترجون من الله ما لا يرجون وكان الله عليماً حكيماً) (النساء: 104)، فإلى جانب شرف الدفاع عن الأرض والعرض والكرامة، وإلى جانب نيل الحرية، والنصر على الأعداء، لك من الله الرضا والمغفرة يوم تلقاه، فما أجمل الألم في سبيل نيل كل ذلك، وكل ثمن يدفعه المرء في سبيل عزته وكرامته هو ثمن بخس نظير ما يحصل عليه. كذلك فإن الألم في سبيل الحق فخر، ولكنه في سبيل الباطل خيبة وخزي وذل وهوان. إن ألماً في نهايته النصر يُنسى، لأن النصر فرحة، وفرحته بأضعاف حجم الألم، وبعزة وكرامة لايملكها الآخر (العدوان)، وبما أن النصر صبر ساعة بثبات، والهزيمة لمن يصرخ أولاً.
إن تخبط العدوان وعشوائيته ورفع منسوب مجازره جراء قطع رأسه الفتنوي، ووأد فتنته في صنعاء أولاً، وزيارة (بركان 2H) له في قصره ثانياً، لهو دليل على أنه يتهاوى ويمر بأضعف حالاته، وأنه قد استنفد كل ما في جعبته إلا صراخه لفشله الذي يعبر عنه بالقتل، وزيادة القتل لا لشيء سوى للقتل والإرهاب كما يظن بعد أن لم يستطع أن يحقق أبسط أهدافه خلال ألف يوم قتل همجي ظالم، وذلك موجب لهزيمته ونصرنا.
لقد منحنا العدوان ألف فرصة خلال 1000 يوم لمراجعة نفسه والتراجع عن غيه وإجرامه، ولكنه أخطأ في حساباته ويخطئ للمرة الألف، وهو بذلك يتجه مهرولاً نحو حتفه وهزيمته المستحقة، كما نتجه نحن نحو نصرنا الناجز المستحق.
إن العدوان بعد وأد فتنته صار يصارع بضعفه لا بقوته بعد انسحاب كثير من عيونه الخونة من الجبهات، استجابة لنداء زعيم الفتنة، والتحاقهم به في صنعاء (جسد العدوان) أولاً، حتى قُتِلَ العدوان فيها، فتطهرت صنعاء منهم، وكثير من الجبهات، الأمر الذي أصاب العدوان بحالة مرضية مختلطة من هستيريا وجنون الحمير، فأوغل في قتل الأطفال والنساء والمدنيين في منازلهم بعد عجزه عن المواجهة في الجبهات، وهو يظن أن قتل المدنيين الآمنين بطولة تؤدي إلى نصر، غير أن ذلك لن يقوده إلاّ لطريق واحد هو طريق الهزيمة فقط، لقد سقط قيمياً وأخلاقياً، ما يؤذن بسقوطه الميداني القريب.
نحن نحارب دفاعاً عن النفس، ورداً لعدوان، اعتماداً على الله وإنفاذاً لأوامره، وهو يقتلنا ظلماً وعدواناً، وبغياً واستكباراً، غره ماله ونفطه ونفوذه، واعتماده على قوة سيده (الصهيوأنجلوسكسوني)، وهو على الباطل، لذا فكلما اشتد عدوانه قربت هزيمته.
إن من أهم فوائد فتنة الفاتح من ديسمبر 2017م، هو وأدها السريع رغم الكلفة، ولكن الأهم أنها قللت الاختراق في الميدان إلى حد كبير، وهو ما أدى لشلل العدوان، وهذيانه، وصراخه، وما هزيمته النهائية إلا مسألة وقت فقط.
التحية والإجلال للشعب اليمني العظيم الذي نفخر بالانتماء إليه.. الحب كل الحب والإعزاز لأولئك المجاهدين من الجيش واللجان الشعبية، من يضحون بدمائهم رخيصة في سبيل الله والوطن، ويسطرون أروع البطولات، ويتجهون نحو النصر والعزة والكرامة وإنجاز نصر لم يسبقهم إليه أحد.. الرحمة والخلود للشهداء.. الشفاء للجرحى.. الحرية للأسرى.. الهزيمة للعدوان.. النصر للشعب اليمني العظيم.

أترك تعليقاً

التعليقات