ثورة ضد العدوان والاحتلال
 

د. مهيوب الحسام

حينما تحتفي تعز، وتأخذ على عاتقها إحياء الذكرى الـ54 لثورة الـ14 من أكتوبر 1963م المجيدة، باحتفال شعبي جماهيري، فهذا هو الشيء الطبيعي، وهذا هو ما يغيظ المستعمر البريطاني السابق أصيل العدوان والاحتلال الحالي، وأدواته وفرقاً أسسها لمثل هذا اليوم.
تعز وهي تحتفي بهذه الذكرى التي بها تستذكر دور ماضيها، وتستلهم دور حاضرها، وتستشرف دورها الآتي في تحرير المحرر سابقاً، المعاد احتلاله حاضراً، ولذا لم يستطع الاحتلال البريطاني أن يغفر لتعز دورها في ثورة الـ14 من أكتوبر، ولم ينسَ ما حل به منها في هذه الثورة تحديداً، وما سبقها من مواجهات طيلة حقبة الاحتلال، وما يحدث اليوم لتعز من قبل العدوان (السعوصهيوأمريكي) ليس عن ذلك ببعيد، وما تدفعه تعز اليوم ليس إلا ضريبة وثمن لدور سلف ضد الغزاة والمحتلين في أيام خلت، وليس محض صدفة، بل أمر خطط له المستعمر، وكلف أدواته وأحذيته كيانات العدوان التنفيذ، ومرتزقته عيال فكره ودينه الإخواوهابي، ومشتركه اليسار الرجعي المشاركة.
ليس قدر تعز بحكم موقعها الجيواستراتيجي كمتربع حارس للبوابات المائية اليمنية الغربية منها والجنوبية، أن تكون في مواجهة المحتلين لليمن وغزاتها فحسب، بل قدرها أن تكون أول المواجهين شاءت أم أبت، فكما شاءت الأقدار، شاء القضاء أن تكون أول قلعة في مواجهة الغزاة والمحتلين على مر التاريخ، ما لم فإنها تموت، وتلك نتيجة طبيعية، لأنها دائماً ما تكون هي أول المستهدفين من أي غزو أو احتلال وعدوان على اليمن كله، واليوم لايوجد ما هو مستهدف من قبل العدوان أكثر من تعز، سوى صعدة، كونها البوابة البرية من الشمال، وكون العدوان شمالي الهوى لا القرار، ولذلك لا، ولن تستطيع تعز يوماً أن تكون إلا حاضنة الثورات، وحاضرتها، ومنها ثورة الـ14 من أكتوبر ضد المستعمر البريطاني للمحافظات الجنوبية والشرقية، وذلك لسببين:
أولهما: أن تعز تشكل العمق التاريخي والاستراتيجي للجنوب اليمني، والمد الديموغرافي كذلك، فهي الريف والعمق في آن معاً، وثانيهما: لما اكتسبته تعز من خبرة تاريخية، وتمرس في قتال الغزاة والمحتلين كما ذكرنا.
تعز التي واجهت هجمات المستعمر البرتغالي والتركي عندما قرروا غزو اليمن، فدفنتهم منذ الوهلة الأولى لغزوهم، وفيها مقابر الغزاة الأتراك من الوازعية إلى جبل يُمين العزاعز، ومن شرعب إلى شرجب والمخا، لاتزال قائمة، وخير عارض لرفات جثامين الغزاة، وشاهدة تُدلي بشهادتها على أن تعز مقبرة الغزاة الأولى في اليمن، وبقيت تعز ولاتزال في ذاكرة الاستعمار البريطاني، وفي ذاكرة الشعب، أنها مشعل ثورة لاينطفئ، وفجر تحرير للأرض والإنسان والقرار، فتعز ليست حليفة للغزاة، وما كانت يوماً، ولن تكون، وإن من يحالف الغزاة ويتحالف مع المحتل، ويستدعي العدوان لمحاربة الشعب وقتله، ويقف في صفه لقتل الشعب، هي الفرق المحلية للمستعمر الغربي، وحذاء الوصي الإقليمي جماعة اللعنة التاريخية، جماعة الإخواوهابية ومشتركهم من اليسار الرجعي.
تعز وهي تحتفل اليوم بهذه الذكرى الغالية عليها، والتي تجسد روح تعز، وتمثل روح وقيم كل اليمنيين، والتي لم تشارك فيها تعز لوحدها، وإن كان لها الدور الأبرز مع أبناء المحافظات الجنوبية والشرقية، بل شارك فيها اليمنيون من كل المحافظات اليمنية، وبعض الشخصيات المشاركة في هذه الثورة لاتزال على قيد الحياة.
إن تعز وهي تعتز وتفتخر باحتفالها بذكرى ثورة أكتوبر 1963م، تعاهد اليمنيين بشكل عام وأبناءها وأبناء المحافظات الجنوبية والشرقية، أن تصل ماضيها بحاضرها، وتمضي بواجبها في تحرير ما وقع منها تحت الاحتلال، وأن تشارك بفاعلية في تحرير المحافظات الجنوبية والشرقية من دنس الاحتلال، وفي مواجهة العدوان وتحرير محافظاتنا الشمالية نجران، وعسير، وجيزان، من المحتل (السعوصهيوأمريكي)، وتعاهد الله والشعب اليمني أن تربط ماضيها وحاضرها بمستقبلها ومستقبل اليمن الحر المتحرر من الاحتلال، والاستعمار، والوصاية والارتهان والتبعية لأي كان.
التحية والإجلال والإعزاز والإكبار للشعب اليمني بجيشه ولجانه الشعبية.. الرحمة والخلود لشهداء ثورات 26 سبتمبر، و14 أكتوبر، و11 فبراير، و21 سبتمبر 2014م، وشهداء الشعب اليمني في مواجهة العدوان.. الشفاء للجرحى.. الحرية للأسرى.. الشكر لتعز وحشودها التي حضرت للاحتفال بالذكرى الـ54 لثورة الـ14 من أكتوبر الخالدة.. الموت للاستعمار وأدواته.. الخزي والعار للخونة.. اللعنة على أنصاف الرجال.. الهزيمة للعدوان.. النصر للشعب اليمني العظيم.

أترك تعليقاً

التعليقات