رئيس التحرير - صلاح الدكاك

تفضلوا.. وفد مرتزقة الرياض يريد تسريح الجيش اليمني، وتجريده من أسلحته، كمدخل للحل السياسي في اليمن..
أين يكمن مأزق جوقة المرتزقة هؤلاء بالضبط؟
الجواب في كونهم يدركون جيداً أنهم باتوا أدوات نافقة في نظر المدير التنفيذي المشغِّل لهم، عوضاً عن الشعب اليمني الذي يشحذ أسنانه منذ أكثر من عام، لافتراسهم، وليس بوسع أية تسوية سياسية مهما كانت منطقية ومقبولة، أن تستنقذهم من أشداقه، ومن مخالب المكلومين على امتداد التراب اليمني.
يريدون تسريح الجيش، وبالأحرى تسريح الشعب برمته، فحقدهم ليس موجهاً لمكون سياسي بعينه، وإنما لعموم أبناء البلد جيشاً وشعباً؛ وفي هذه الحالة ـ فقط ـ يكون الطريق قد أصبح ممهداً للعودة وللحل السياسي الذي ينشدونه، حيث تصبح اليمن جغرافيا خالية من البشر.
كل حل سياسي عدا ذلك هو بمثابة توقيع شهادة وفاة بالنسبة لهم.
في المقابل، فإن رؤية الإطار التي تقدم بها وفدنا الوطني على طاولة مشاورات الكويت، تبدو حصيفة وناجعة، ومحرجة للأطراف الأممية والدولية التي تبدي رغبة في إرساء حالة من الاستقرار السياسي في اليمن، وإنهاء عدوان فَقَدَ مسوِّغاته وفَشِلَ في تحقيق الأهداف المرجوة منه بعد أكثر من عام على تدشينه.
وعندما تعجز هذه الأطراف الأممية والدولية في انتزاع تنازلات غير منطقية من قبل وفدنا الوطني عبر لعبة الوقت وعدم الضغط الجاد على مجموعة أدواتها، فإنها ستضطر ـ في نهاية المطاف ـ إلى إبداء قدر من الجدية والإيعاز لوفد مرتزقة الرياض بقبول الحل السياسي التوافقي، إذ إن البديل عن ذلك سيكون المضي في طريق العسكرة المدروز بالإخفاقات، والمنذر بارتدادات أفدح على مجموعة الكانتونات النفطية، مما هو عليه الحال اليوم.
يشير لقاء سمو أمير دولة الكويت الشقيقة مع وفدنا الوطني، الأسبوع الفائت، إلى أن المجتمع الدولي بدأ ينحو منحى جاداً وعقلانياً في مقاربته للأزمة في اليمن، وما ينبغي أن ينحاز إليه من حلول ومعالجات، والمؤكد أن الرؤية الصبيانية لوفد مرتزقة الرياض لن تؤخذ على محمل الجد، فليست قابلة للتطبيق حتى على مستوى نظري، عوضاً عن أن تكون قابلة للتمرير على الأرض.
لم يعد الاشتباك القائم اليوم على التراب اليمني اشتباكاً محلياً صرفاً، فقد عمقت ملحمة الصمود اليمني ورصاص المقاتل في الجيش واللجان الشعبية، الشروخ الإقليمية والدولية لصالح تراتبية حضور جديدة، ليس على رأسها أمريكا حصراً، وعلى المستوى الإقليمي أصبحت السعودية، أو توشك أن تصبح، رقماً خليجياً عابراً ومحدود الوزن والنفوذ لجهة بروز الثنائية (العمانية ـ الكويتية) التي نأت بنفسها عن مستنقع العدوان إلى حد كبير خوَّلها لعب دور الوسيط والراعي لمشاورات السلام القائمة اليوم.
فيما يبقى الجنوب اليمني، دولياً، محكوماً باشتباك خفي أمريكي بريطاني فرنسي، من جهة، وروسي صيني إيراني، من جهة مقابلة، الأمر الذي لا يتيح، مرحلياً، لطرف من الأطراف، البت في وضعه المستقبلي، ما يعني بقاء الجنوب ضمن الجغرافيا السياسية للجمهورية اليمنية، وصعوبة شق طريق خارجها بالنسبة لمكونات الحراك (غير الوطنية) الباحثة عن الارتهان لأطراف إقليمية مقابل تمكينها من السلطة على دولة (فك الارتباط) المزعومة.
بهذا الخصوص، قال مصدر سياسي رفيع لـ(لا)، طلب عدم ذكر اسمه، إن القضية الجنوبية تبقى محكومة بمخرجات مؤتمر الحوار الوطني واتفاقية السلم والشراكة، ولا شك (أننا نسعى لإنجاز حل عادل لها في إطار وطني)، حسب قوله.
وقال ذات المصدر إن ملف المفاوضات معقد وشائك، ومن السابق لأوانه الخوض في تفاصيل كأسماء الشخصيات التي ستكون على سدة الرئاسة والحكومة، وتابع المصدر: (كان المبعوث الأممي قد طرح مساراً مرسوماً سلفاً للمشاورات، يتضمن توسيعاً للحكومة، التي يصفونها بالشرعية، بحيث تشمل المكونات الوطنية، كما وتوسيع اللجان العسكرية والأمنية، غير أن هذا المسار قد أسقط على طاولة المشاورات)، حيث تمسك وفدنا الوطني بثابت (الحل التوافقي القائم على محدد الشراكة) في بلورة آليات سياسية تنفيذية تكون رافعة لأي مخرجات على الميدان، يتم الإجماع عليها.
ثمة أمور باتت بحكم المؤكدة والمحسومة، تدفع باتجاه التوافق كخيار لا غنى عنه لأي طرف من الأطراف.. الجهوزية العالية لمقاتلينا في الجيش واللجان الشعبية التي تسيطر على نطاق استراتيجي واسع من الجغرافيا، وتبدي فدائية واستبسالاً نادرين لا خور فيهما ولا ركون، كما تكشف رسالة مقاتلينا الأبطال في الجبهة الغربية الساحلية التي رفعوها إلى سيد الثورة السيد القائد عبدالملك بدر الدين الحوثي.
هذا على مستوى ميداني.. أما سياسياً فإن وفدنا الوطني تمكن من كسر أطواق العزلة المضروبة عليه، واستطاع أن يزاول عصفاً سياسياً ودبلوماسياً واسع النطاق، تمثل في مجموع لقاءاته بـ(سمو أمير دولة الكويت، سفراء الخليج في اليمن، سفراء الـ18..) عدا العصف الموازي الذي يقوم به وفدنا الإعلامي المرافق للوفد الوطني.
وهي مؤشرات على انبثاق العنقاء اليمنية من رماد الموت والدم والدمار.. انبثاق لم يكن يتصوره تحالف دول العدوان، وفوجئت به الأطراف الأممية والدولية المتوالية، وبات من الصعب عليها ألا تذعن له كأمر واقع.
اليمن يسير بقواه الوطنية وسواعد مقاتليه البواسل وصمود وتضحيات شعبه البطل، إلى طور من الحضور الوازن والمؤثر على مستوى الإقليم، وصولاً إلى أن يصبح رقماً وازناً على مستوى دولي.
وما ذلك على الله بعزيز..
المجد والخلود لشهدائنا الأبرار.. 
الشفاء لجرحانا..
البقاء لشعبنا اليمني الشريف حاضراً ومستقبلاً.

أترك تعليقاً

التعليقات