رئيس التحرير - صلاح الدكاك

صلاح الدكاك / لا ميديا -

نحزن على أطفالنا ونسائنا ومدنيينا الذين يرتقون شهداء بمجازر تحالف العدوان الكوني للعام الخامس، لكنه ذلك الحزن المحتسب الواثق بأن للدم أثماناً باهظة قوامها اجتثاث كل ممالك الاستكبار بدءاً بمملكة داعش الكبرى ووصولاً إلى ولايات الشيطان الأكبر الأمريكي.. نحزن ولا ننكسر ولا نقف على أطلال منازلنا المدمرة بالغارات، ولا نجثو طويلاً على أشلاء أكبادنا التي تنهشها صواريخ الـ"يو إس إيه" كل يوم، بل نرفع قواعد النصر والخلاص للبشرية جمعاء، واقفين على حطام ممالك البترودولار وجثث جيوشها المأجورة وقفة اعتداد ماضين في خضم الوغى ننقص تلك الممالك من أطرافها ونقض مضاجع أرباب السوق المعولمة وعبيدها من الرياض إلى واشنطن..
كان بوسعنا منذ 4 أعوام أن نجعل عويل رعايا ممالك البترودولار يرتفع إلى عنان السماء، ونذر عمرانها دكاً دكاً، ونذرو طوبها في مهب بواريدنا بنصف القوة النارية التي نحوز عليها اليوم، وما منعنا عن اقتراف هذا المروق القيمي إلا ذلك الفارق الشاسع بين الآدمية المكرمة والتقويم الحسن الذي فطرنا الله عليه، فكنا أطهر من قبض على زناد، وأرقى من خاض معركة، وأسمى من وطئ هيجاء اشتباك على مر تاريخ الحروب والمعارك، في مواجهة عدوان الآدمية المنتكسة الممسوخة المتردية أسفل سافلين، والتي غضب الله عليها، فكان تجسيدها الأبرز تحالف العدوان الأمريكي الصهيوني السعودي الإماراتي المشفوع بنفاق البشرية والمحفوز بكل شرور الأرض.
ندرك أن النفط هو آلهة العصر بالنسبة لحضارة غربية رأسمالية قوامها عبدة سوق يزعمون الرقي والتمدن، ويرون في معظم شعوب الأرض كائنات وضيعة منتكسة ومتخلفة... ندرك أن مسخ العولمة بعبيده وبنوكه وبورصاته وممالكه ومشيخاته وأممه المتحدة ومنظماته القاعدية والداعشية بمشاربها الدينية المنحرفة من إسلام صهيووهابي إلى مسيحية صهيويهودية إلى علمانية صهيوليبرالية، لا يقيم اعتباراً لدم البشر أياً كانوا، وبمن فيهم شعوب ما يسمى العالم الأول الحر، فضلاً عن أن يبالي بدم رعايا مشيخات الروث، أو أن يمثل هذا الدم المفروز على حضيض ما يسمى العالم الثالث قيمةً في معاييره، أو ثكلاً بالنسبة لشيوخ وغلمان المشيخات المسحولة من خطام شيكاتها بشسع شهوات السوق وأربابها الكبار..
إن أثمن ما في صحراء الروث والبعران المجذومة هو النفط لا الرعايا في ميزان العالم المسخ، وفي المقابل فإن أثمن ما في اليمن بميزان الفطرة السوية لقيادتنا ولرجالنا هو دم شعبنا. ولأن الحال كذلك على الضفتين النقيضين، فإن وجهة عدوانهم مؤلمة، وتتحرى رفع وتيرة ألمنا حد بلوغ ما هو "غير وارد" من تركيع آدميتنا المكرمة، وتجريدنا من كرامتنا الإنسانية كما أكد ويؤكد سيد الثورة. وأما وجهة ردنا فتتحرى أن تؤلم العدو في موضع ألمه وصولاً إلى قسره على الإقرار بحرمة دمنا وحقنا الإنساني المشروع في أن نعيش أحراراً على وجه الأرض لا وصاية علينا ولا على آدميتنا من مسوخ السوق وأراذل البشر وقردة التاريخ...
وجهة عدوان العدو دم شعبنا، ووجهة ردنا أحشاء إلهه الأسود الذميم المعبود الذي يسفك في سبيله دماء البشر من شمال الكرة إلى جنوبها منذ فجر النفط، قبل أن يصطدم أنف استكباره البغيض بأقدام مجاهدينا الحفاة، وتتكسر مجاديفه الشهوانية بصخرة صمودنا، فيأبى غروراً وتغطرساً أن يقر بانكساره، ويذهب عوضاً عن ذلك لسفك المزيد من الدم اليمني الطاهر طمعاً في الحصول على مبتغاه الفاجر والمستحيل من شعب مجبول على الكرامة واسترخاص الدم في سبيلها بلا سقف لهذا البذل الثمين سوى سقف صونها، ولا سقف آخر...
إن عاماً خامساً من مصاديق هذا الصمود الحر المكابر لشعبنا وقيادتنا وجيشنا ولجاننا كفيلة بأن تخسف بمعادلة الاستكبار العالمي إن استمر في تماديه وإدارة الظهر لحقائق واقع المواجهة التي دشن رجالنا المجاهدون بعملية الـ9 من رمضان طوراً جديداً من الرد فوق طاقة عبدة آلهة النفط على احتماله، ولا قبل لعالم مسوخ السوق به، ومن الحماقة المقرونة بحتمية هلاك تحالف العدوان وأربابه أن يمضي في معادلته القديمة والخائبة القائمة على سفك المزيد من الدم اليمني بعشم استيلاد متغير يستنقذه من الهلاك...
فليجهز الأزهر غير الشريف ومحافل العهر والنفاق العالمية بيانات نعي آلهة النفط منذ اللحظة، عوضاً عن بيانات الإدانة، فالقادم لن يبتر خرطوم الروث، بل سينتزع أحشاء أرامكو، ويهدم كعبتها فوق رؤوس عبادها والغاضبين لما أصابها من مثقال ألم ألحقه بها مستضعفو اليمن ثأراً لجراح وأرواح أطفالهم ونسائهم المذبوحين فوق سفرة السحور والإفطار وكراريس الدرس والطرقات والمرافق العامة للعام الخامس، دون أن تثير أشلاؤهم حفيظة هؤلاء القوادين الملتحين المتسربلين مسوح الدين والفضيلة وحقوق الإنسان والتمدن الزنيم والحضارة المومس الدميمة..
لا أمل - بالأمس ولا اليوم ولا غداً - في مخاطبة رجولة وشرف لدى العدو، ولا ضمير لدى مجتمع دولي وأممي، وبدءاً واستمراراً وإلى أن يزهق باطل العدوان والاستكبار أو تقوم الساعة، فإن حبل رجال الرجال في جيشنا ولجاننا الموصول بحبل الله ونواميسه الكونية والبشرية، كان هو المُعتصَم والملاذ لشعبنا، وعلينا وعلى كل شريف حر آدمي أن يمد في هذا الحبل ويغلظ متنه غزلاً من أشلاء الشهداء المغدورين في سكينة منازلهم، وتروية من دماء الضحايا حتى تكون مشنقة الاستكبار بحجم عنقه العالمي الضارب صفحاً عن مأساة شعبنا رغم عظم التنازلات التي تقدمها قيادتنا بغية درء العدوان عن لقمة عيش هذا الشعب وكبسولة دوائه ورواتبه عبثاً..
نحزن لشهدائنا، ولكننا نخوض المعركة ثأراً لهم، ولا ننكفئ في دورة عويل لا يتألم لها العالم المنافق ولا يرتدع أمامها العدو، وإنما يأمل فيها ويستهدفها كوقود للمزيد من الفجور والتمادي في الدم واللحم تمزيقاً ونهشاً...
نحزن ونذرف دموعنا وقوداً نووياً في بواريد وصواريخ مجاهدينا وطائراتنا المسيرة في تدوير كريم مكابر مقتدر للآلام كآمال بتنا قيد دمعات من تحقيقها ونيلها أخذاً مستحقاً لها لا تسولاً ولا هبة من أحد..

أترك تعليقاً

التعليقات