رئيس التحرير - صلاح الدكاك

شراكة أنصار الله، كحركة ثورية طليعية، ينبغي أن تكون مع المكونات والشخصيات الثورية الناضجة تحت شمس النضال، والمتخلقة من رحم مشروع رفض الإقطاع والوصاية، والواعية بمنابع طيف المظلوميات التي أنتجتها السلطة البائدة واستثمرت في تنميتها جنوباً وشمالاً ووسطاً وشرقاً...
هذا هو مسرح الحركة الحيوي الذي يمنحها زخم المشروعية الاجتماعية في اللحظة ومستقبلاً، ويمكنها من المضي بالمشروع الوطني التحرري قدماً صوب الحضور الوازن والفاعلية والتأثير بعيد الريوع في محيطها الواسع إقليمياً ودولياً.
المشروعية السياسية ليست هي ما يعوز الحركة، فهذه يمكن تحصيلها من تكتيل اللافتات الحزبية التقليدية حولها وانتهاج ديبلوماسية خفض الجناح للمجتمع الدولي وشبكة منظماته الحقوقية والمانحة وتبني مفاهيمه في إدارة شؤون الدولة والبلد، وباختصار تطمينه من أن شيئاً جديداً لم يطرأ على مسار هيمنته في هذا القطر عدا متغير الوجوه والسحنات.
ما تحتاجه الحركة الثورية التحررية (أي حركة) هو المشروعية الاجتماعية، لا وراثة شرعية السلطة البائدة عبر إعادة تكتيل يافطاتها والاحتماء بها في وجه عاصفة مأزق فقدان الشرعية بمعايير المجتمع الدولي.
بالتأكيد نحن بحاجة إلى قطيعة مرنة وغير حادة، ولا ثأرية، مع إرث ماضي الوصاية وأدواته وذهنيته، وإلى إرسال رسائل التطمينات للعالم حول كثير من الأسئلة المشروعة. لكن ذلك ينبغي ألا يصرف الحركة الثورية عن الاتصال الاستراتيجي بعيد المدى بمسرح شرعيتها الاجتماعية وحاضنة وجودها الشعبي الجماهيري بآماله وآلامه، لأنه رحم انبثاقها وولادتها، كما كان في المقابل مصرع سلطة الوصاية التي خلفتها الثورة على سدة صناعة القرار.
إن الإسراف في الديبلوماسية على حساب الفعل الثوري هو غرق في حقل علاقات سلطة الوصاية، ودور تسليم صامت بين نظيرين ينتهي بتماهي اللافتات التحررية بأشواقها المشبوبة للتغيير، والرجعية المستلبة الكسيحة في أتون من الشعارات البراقة المفتقرة للمضمون؛ لأن محك صراع الأضداد ليس في العبارة بل في الرؤية المنبثقة من تحديات الواقع، وليس في الأجندات بل في اجتراح مضامير عملية خصبة ومواتية لفعل ثوري تقدمي يلبي أشواق الشعب للتغيير وتطلعاته لعدالة تكافئ طاقاته المنظورة وغير المنظورة وقيمة اجتماعية تعيد الاعتبار لإنسانيته المكبلة بالعوز والفاقة والتهميش.
أجل ثمة عدوان كوني تقود الثورة دفة المواجهة الشعبية العسكرية معه بجدارة؛ غير أن ثمة أهدافاً لهذا العدوان يرمي لتعبيدنا لها، ولا ينبغي أن نلبيها له عبر الإسراف في الديبلوماسية، وهذا يقتضي أن تتسلح الثورة بالكاكي في الميدان وفي السياسة بقدر متكافئ داخلياً وخارجياً، وإلا فإنها تسلم زمامها لذهنية الوصاية وطلقائها وتخسر مجال فاعليتها الاستراتيجي لجهة التكتيك!
الخلود لروح الشهيد صالح الصماد وأراوح شهداء جيشنا ولجاننا الشعبية، والشفاء لجرحاهم، والعتق والحرية لأسراهم، والمجد لثورة 21 أيلول الفارقة.

أترك تعليقاً

التعليقات