رئيس التحرير - صلاح الدكاك

مسقط المشاورات أو سقوط أسطورة التحالف العسكرية
العالـم المنافق بين خيارين بعد معادلة السن بالسن

لا يكف هاتف البيت الأبيض بواشنطن والكرملين في موسكو عن الرنين منذ ضربة باليتسي اليمامة.. ملك الزهايمر سلمان يتوسل نجدة ترامب وبوتين بعد 1000 يوم من عمليات ما يسمى (عاصفة الحزم) الخائبة في اليمن.
ما الذي يمكن أن تقدمه الولايات المتحدة وروسيا سوى المزيد من صفقات الباتريوت وإس 400، اللتين تعشمان ذعر المليك المريض بوهم اعتراض الضربات الصاروخية القادمة من اليمن على مملكته، ويجهزان على خزائنه لا غير!
الخارجية الأمريكية لم تجد ما تسعف به صنيعتها في الرياض سوى تأكيد (قبولها بالحوثي كجزء من تسوية سياسية في اليمن)، فيما قال فلاديمير بوتين إنه لا إمكانية لحل عسكري في اليمن، وحذر من أن استمرار القتال سيؤدي لانتقال الصراع إلى دول الجوار واتساع نطاقه.
المسعى الأمريكي الروسي اليوم، وعقب معادلة (السن بالسن)، لا ينحو إلى تشجيع المزيد من التصعيد العسكري الذي ثبت إخفاقه على مدى أكثر من 1000 يوم، وعوضاً عن ذلك فإن كلا البلدين يسعيان في الكواليس لتهدئة عسكرية تعقبها مشاورات سياسية، ولا ضير في موازاة ذلك بالنسبة للروس من تسويق الـ(s400) استثماراً في المياه الملكية العكرة!
الأسبوع قبل الفائت، وعقب باليستي اليمامة، حزم الدبلوماسيون الروس في صنعاء حقائبهم وغادروا اليمن، معلنين انحيازهم الفاضح لجانب الرياض بنقل نشاطهم إليها، قاصدين بذلك عزل اليمن كلياً، إلا أن السحر انقلب على الساحر، وفقدت موسكو ميزتها كقناة اتصال نشيطة ووحيدة مع صنعاء، واليوم فإنها لم تعد صالحة كوسيط لدى أنصار الله لتجنيب بني سعود المزيد من الضربات الصاروخية المقبلة والمؤلمة، وترتيباً عليه خسرت قيمتها كمضارب عن كثب في بورصة الدم اليمني.
مصادر (لا) أفادت أن اتصالات تجريها مسقط عمان لهذا الغرض مع القيادة الثورية بالتوازي مع توسيط وجهاء من جنوب المملكة من قبل سلمان للتواصل لدى الأنصار بغية التهدئة وكسب الوقت بحثاً عن خيارات أخرى.
هل تكون مسقط ـ إذن ـ المحطة القادمة لمشاورات سياسية تعترف بالمتغير الثوري اليمني وتنهي العدوان والحصار؟ أم محرقة أخرى لتبديد الوقت اليمني على أمل انفساح أفق مؤاتٍ لتحوير موازين القوى على الأرض خدمة لمآزق التحالف؟
تؤكد مصادر (لا) أن القيادة السياسية في صنعاء أبدت قبولاً مبدئياً بخوض جولة مشاورات سياسية، شريطة وقف الطلعات الجوية لطيران تحالف العدوان وفتح جميع المنافذ البرية والجوية والبحرية لليمن أمام البضائع والوقود وشحنات الأغذية سلفاً، وقبل الشروع فيها.
الطلعات الجوية ومجازر التحالف بحق المدنيين في اليمن مستمرة، إلا أن توقعات المراقبين بأن التحالف سيضاعفها على صنعاء، تحديداً عقب باليستي اليمامة، خابت، إذ يبدو أن رسالة سيد الثورة السيد عبدالملك الحوثي، في خطابه الأسبوع الفائت، آتت أُكلها على المقلب الآخر بحيث استوعب التحالف جديتها وانتقال المواجهة من طور تفوق الردع لجهته إلى توازن الردع بين طرفي الاشتباك، الأمر الذي جعله يكبح إلى حد كبير طلعاته الجوية على صنعاء العاصمة.
قال سيد الثورة في خطابه بمناسبة مرور 1000 يوم على العدوان والصمود اليمني الفذ في وجه العدوان، إن الصبر الاستراتيجي الذي أبداه اليمنيون إزاء صلف العدوان قد فُهم بالخطأ من قبل التحالف، وإنه قد آن الأوان للشروع في مرحلة (ميناء مقابل ميناء ومنشأة حيوية مقابل منشأة حيوية وعاصمة مقابل عاصمة والسن بالسن والجروح قصاص)، وهي معادلة لم يدشنها سيد الثورة إلا اتكاءً على حقيقة أن اليمن بات يمتلك فعلياً من الوفرة الصاروخية كيفاً وكماً ما يمكنه من فرض هذه المعادلة على أرض الواقع.
بالتوازي تعكف مراكز الأبحاث والتصنيع العسكري اليمنية على تطوير قدرات الدفاع الجوي بوتيرة متسارعة، على نحو سيضع المجتمع الدولي المنافق والمتواطئ على المدى القريب المنظور أمام خيارين لا ثالث لهما: إما مشاهدة انتقال الاشتباك من طور توازن الردع لجهة تفوق الردع اليمني ومصرع خرافة التفوق الجوي للتحالف، وبذلك تفرض قيادة ثورة أيلول الوطنية خيارها السياسي المطلق في الحرية والاستقلال الكاملين، وإما أن يتلافى المجتمع الدولي المنافق هذا المستقبل المشؤوم بالنسبة إليه عبر الإقرار بحق اليمنيين في اختيار مصيرهم بمنأى عن القرصنة الأجنبية التي تحاول فرض خياراتها عليهم وإعادة اليمن إلى حظيرة الوصاية.. فماذا سيختار؟
ذلك ما ستكشف عنه الأيام القليلة المقبلة، في حين أن خيار اليمنيين كان واضحاً منذ البدء (الصمود ولا شيء سوى الصمود)، وبات مع خطاب سيد الثورة الأخير أكثر نصاعة وسطوعاً (النصر ولا شيء سوى النصر).

أترك تعليقاً

التعليقات