أجل نحن نهدد أمن الخليج
 

رئيس التحرير - صلاح الدكاك

يأكل تحالف قوى العدوان الأمريكي عافية الجغرافيا اليمنية المحتلة، دون غطاء من (شرعية محلية مزعومة) أو قانون دولي أو أممي، وفقط عندما يتعلق الأمر بأكل الثوم وارتكاب الفظائع بحق مجتمعات الجغرافيا المحتلة وغير المحتلة، فإنه ينتعل فم الشرعية الدرداء ويتلطى بمؤخرتها ويمسح دم سواطيره على قطيفة ليونتها..
وفقاً للتحالف فإن رئيس أركان الشرعية المخلوع محمد المقدشي هو من قدَّم لطيرانه معلومات مغلوطة نجم عنها مجزرة جماعية بغارتين جويتين على صالة عزاء بالعاصمة صنعاء العام الفائت..
لكن الاستحواذ على سقطرى وأرخبيل جزرها كعقار حصري مملوك للإمارات، وإنشاء قاعدة عسكرية أمريكية ـ إماراتية ـ مصرية على جزيرة (ميون ـ البحر الأحمر)، وبسط اليد إماراتياً على منشأة (بلحاف) وحقول النفط والغاز في شبوة وحضرموت ومأرب، ليست في نظر التحالف من الأمور التي يستدعي القيام بها إيقاظ (الدنبوع) من سباته الهانئ في فندق الشرعية للحصول على مباركة صلعته اللدنة الضخمة.
بالنسبة لمناخ اشتباك لا يتلقى فيه تحالف قوى العدوان الأمريكي ضربات قاصمة في عقر عواصمه ومفاصل اقتصاده ومجال مصالحه الحيوية، فإن استراتيجيته السالفة في العدوان على اليمن تبدو مثالية ومواتية لجهة الظفر بمغانم ثمينة يسيرة لا تقابلها أغرام.. على أن مناخ المعارك بالنقيض من ذلك والاشتباك فيه سجال، والتحالف يتألم، والإمارات التي تلوح آمنة وبمنأى عن طائلة الرد باتت غير آمنة وتحت طائلته الباليستية بفعل نجاعة استراتيجية القيادة الثورية القائمة على (واحدية القول والفعل والصبر في مقام العمل)، وإيمان وحرفية وكفاءة المقاتل الثوري في الجيش واللجان ووحدات القوة الصاروخية والبحرية اليمنية وعموم العقل العسكري الوطني المنخرط في الاشتباك.
من دون أن تتألم في الصميم الأذرع التنفيذية لمشروع العدوان، سيكون علينا أن نفاوض (جوانتيات الشرعية) ونحارب (طواحين الهواء) المفتقرة ذاتياً لأهلية البت في أمر الحرب وأمر السلام.. في حين أن إلحاق الألم بالأذرع التنفيذية ومفاقمة عجزها الوظيفي بالضربات العسكرية النوعية، سيرغم المدير التنفيذي لمشروع العدوان عينه على البروز إلى واجهة مسرح الاشتباك، فنحترب أو نتفاوض كوجود أصيل لوجود أصيل.
إننا نتقاتل ـ في الحقيقة ـ لا لننهي العدوان ونرفع الحصار على شعبنا، فالمدير التنفيذي الأمريكي يستهدف بالعدوان والحصار تحقيق غاية أبعد ما تكون عن (إعادة الشرعية وإنهاء الانقلاب)، ونحن ـ كقوى ثورية ـ نستهدف تحقيق غاية نقيض لغايته وأبعد ما تكون عن مجرد خلاف حول شرعية مجموعة من الكومبارسات السياسية العاملين بالأجر اليومي لدى الرياض وأبوظبي والدوحة وإسطانبول وعمَّان..
يستهدف العدوان محو وجودنا في أدنى مستوى كريم حر مستقل وفاعل يتوافر عليه اليوم، ونستهدف الدفاع عن وجودنا الآدمي القائم والوثوب به إلى أقصى مستوى من الكينونة الإنسانية المتوافرة على الكرامة والحرية والاستقلال والفعل المقتدر، غير أن العدوان لن يرتدع لمجرد عجزه المؤقت عن اجتياح جغرافيا وجودنا أمام بسالة دفاعنا عنها، ما لم نصبح تهديداً جدياً لجغرافيا وجوده ومجال مصالحه الحيوية..
يمكن تبسيط هذه المعادلة الوجودية للاشتباك والصراع، بقراءة ردات فعل العدوان المعلنة عقب الباليستي اليمني الأخير على مطار خالد في الرياض.. كانت الضربة من حيث المدى والتوقيت وانتقاء الهدف ودقة الإصابة، برهاناً عملياً على جدارة شعبنا الشريف بما يصبو إليه من وجود وازن واستحقاقه له، فلجأ العدوان إلى تجيير هذه القدرة العسكرية اليمنية لـ(إيران)، تلافياً للإقرار بالوجود اليمني الصِّرف، واعتبر الأمر برمته لا أكثر من (معضلة تهريب سلاح) تستوجب (إغلاق المنافذ اليمنية براً وبحراً وجواً)...
وبما أنها مغلقة سلفاً في نطاق سيطرة الجيش واللجان، فقد كان الجديد إغلاق ما يقع في نطاق احتلاله منها، وبروز التحالف إلى العلن كمحتل لا يتوكأ على عصا (الشرعية) في اتخاذ قراراته إزاء محض (صاروخ مهرَّب) أصاب كبد المملكة وجعل الإمارات ترتجف.
إن تحالف قوى العدوان الأمريكي لا يقرُّ لغير (إيران) بالوجود، لأنها عصية على الاستهداف المباشر من قبله، بما تمثله من تهديد وجودي معلوم له، وعلينا كيمنيين أن نبلغ عسكرياً هذا المصاف من التهديد، ليقر لنا راغماً بالوجود، وعجزنا عن بلوغ هذا الطور من معادلة الاشتباك أو العزوف عن السعي الجاد لبلوغه بدعوى طمأنة دول الجوار والرغبة في إحلال السلام، سيعني ـ ولا ريب ـ استمرار العدوان علينا حد تجريدنا من الكلاشينكوف والخناجر والنصال طوعاً أو كرهاً، نزولاً عند مقتضيات الأمن القومي لدول الخليج..
إن مستوى الظهور المنسجم والتنسيق الميداني بين المملكة والإمارات في جنوب اليمن المحتل وتعز، لم يكن ليحدث وفق لعبة تباين أدوار دول تحالف العدوان السابقة لضربة الرياض الباليستية، وهذا ريع جيد لجهة وضوح هوية قوى الاحتلال بوصفها روافع لمشروع أمريكي واحد مهما تباينت أدوارها واحتربت صورياً بغية تشتيت وتكتيل النسيج الاجتماعي اليمني حولها بدعوى أفضلية ذراع على ذراع في جسم مشروع الاحتلال.
إن أزرار الرد العسكري اليمني الباليتسية والعملياتية الأخرى لا ينبغي أن تخضع لابتزاز دعاوى الأمم المتحدة الإنسانية وضغوطها المموهة على نوايا وتوجهات العدوان الرامي للملمة شعثه مضياً في القتل والحصار والتجويع، بغطاء من هذه الدعاوى الأممية ذاتها..
إن صافرة الحكم الأممي المتواطئ لا ترتفع لكبح تجاوزات العدوان ومجازره، لكنها تسعى لتقويض هجماتنا الدفاعية قيد بوصات من إنزال الهزيمة بالعدو.. وحسم الاشتباك.

أترك تعليقاً

التعليقات