رئيس التحرير - صلاح الدكاك

لا تزال حالهم بالأمس هي حالهم اليوم (يقتلون الحسين بدم بارد ويستفتون في قتل ذبابة!).
يباركون مجازر أسيادهم الأمريكان بحق شعبنا، وينوحون لمحاكمة ذباب العدوان الناقل للإحداثيات والمعتاش على بحيرات الدم والأشلاء.
وبالمنطق السامج والمخاتل ذاته تطرح إحدى قنواتهم الفضائية العثمانية سؤالها استهجاناً: (ما علاقة اليمنيين بصراع حسين ويزيد؟!..).. وهو سؤال لو جرى إسقاطه على السياق الزمني الراهن لكان على هذا النحو: (ما علاقة اليمنيين بصراع الحوثي ـ هادي، الحوثي ـ سلمان؛ الحوثي ـ التحالف).. إذ إن القناة لا تطرح سؤالها بصيغته الماضوية الآنفة، مستهدفة به مجتمع (الحسين ـ يزيد)، وإنما مجتمع اللحظة الراهنة الذي تريد له أن ينفضَّ من حول القيادة الثورية والقوى الوطنية المواجهة لتحالف العدوان والاحتلال، بدعوى أنه لا مصلحة له في صراع كهذا، ولا علاقة له به!
لكن، لماذا تخشى القناة على اليمنيين من مغبة استحضار لحظة تاريخية غابرة مادام الموت قد طوى أحداثها وفرقاء الصراع فيها، وباتت لحظة ميتة ومندثرة حد مفهومها في الظاهر؟!.. ليس بمقدور غير الخالق أن يحيي العظام من الرميم، وإذا أمكن للحوثيين إحياء عاشوراء الحسين على نحو أثار هلع معسكر العدوان وترسانته الإعلامية، فذلك لأن جوهر صراع الـ(حسين ـ يزيد) لا يزال حياً، في صورة الصراع الراهن بين آلة الهيمنة الامبريالية وقوى الاستكبار من جهة، والقوى الحرة الشريفة الرافضة للهيمنة والتعبيد من جهة مقابلة، وهذا هو تحديداً موضع خشية القناة النوبلية العثمانية، كما وموضوع استثمارها الهادف لإماتة الروح الثورية ووأد الانبعاثة الفتية الوثابة للإسلام المحمدي التحرري الإنساني، على أنقاض الإسلام المؤمرك القائم على مبدأ (ركعتان في مكة وألف ركعة في البيت الأبيض)، طبقاً لتوصيف سيد الثورة في خطاب عاشوراء، الأسبوع الفائت.
إن خشية الإعلام الامبريالي الذي تنتمي إليه القناة، هي من الـ(حسين) المناوئ للعربدة الأمريكية التي تمثل بجملة وكلائها وأدواتها في المنطقة، امتداداً حياً من حيث الجوهر للنزوع اليزيدي التسلطي الفاجر المتسربل مسوح الدين ودعاوى (حقوق الإنسان والسلم الدولي والديمقراطي) كذرائع لسحق وتعبيد الشعوب لجهة التمكين المطلق لمصالح الامبريالية وقوى الاستكبار العالمي.
بهذا الفهم يغدو العدوان الكوني على اليمن شعباً وتراباً، أمراً معلوماً من الدين بالضرورة، ولا تعوزه فتوى إباحة، ويغدو الاحتفال بالذكرى السنوية لـ(عاصفته) فرض عين على كل مسلم، بينما يغدو إحياء عاشوراء الحسين في مواجهة العدوان ردةً عن الدين، وارتداداً عن الحداثة، وانقلاباً على روح العصر، واتجاراً بحياة اليمنيين.
إن هذا التحوير الفاضح لمجريات الصراع وحقائقه الموضوعية الماثلة لأنظار وفهوم الرأي العام اليمني بلا مواربة، ليس تحويراً حكراً على قنوات ووسائط ميديا العدوان، فإعلاميو الطابور الخامس المتلطي بيافطات وطنية مناوئة للعدوان، يزاول التحوير ذاته وبالمنطق نفسه، مؤازراً آلة الغزو عبر مناهضة الثورية المحمدية العلوية الحسينية بوصفها ماضوية متخلفة، ويحضر (عادل الشجاع) بوصفه التجسيد الأقبح لهذه المخاتلة.
لم يعد تحالف العدوان الأمريكي السعودي يطمع في تحقيق النصر على شعبنا اليمني، بعد ثلاثة أعوام مثخنة بالإخفاقات..
كل ما يطمع فيه اليوم هو ألا ينتصر اليمنيون تحت لواء الإسلام الثوري التحرري.. لذا فإنه يكثف جهوده على شتى المناحي لكسر الاصطفاف الشعبي حول هذا اللواء، وتخليق بدائل داخلية يوقع معها صك عبودية مقنعة باسم إنهاء الحرب وإحلال السلام!
لقد تعلَّم المهاتما غاندي، وهو هندوسي، من الإمام الحسين (كيف يكون مظلوماً فينتصر)، وأحرى باليمنيين، وهم أنصار الدعوة المحمدية، أن ينتصروا نهلاً من ذات النبع الثوري الذي تستميت قوى الاستكبار عبثاً في محاولات ردمه وتنضيبه.

أترك تعليقاً

التعليقات