اسكتي يا شهرزاد
 

رئيس التحرير - صلاح الدكاك

المثرثرون على هامش العدوان.. الشهرزادات المولعون بالسرد والفنتازيا وحكايات (بدر البدور والجارية المتوددة والعنقاء ورحلات السندباد).. المنظرون من تكايا الخدَر وأبراج وهم الفرادة العاجية ومنصات الفرجة الوردية.. الرومانسيون في زمن الكوليرا والعنقوديات والحصار الخانق والجوع وسوء التغذية والمقابر الجماعية.. الاشتراكيون الزائفون والشيوعيون الذين ينتظرون بزوغ الزمن المشاع من سرداب (رأس المال) وخروج (البروليتاريا ـ المهدي المنتظر) من ثنيَّات البيان الشيوعي، في بلد تختلط فيه أضلاع الفلاحين بمناجل الحصاد والمحاريث ومكائن تصنيع (البفك) بالهياكل العظمية للعمال بشظايا الـ(كروز) وصواريخ الـ(توماهوك) والبارجات والـ(إف16) والفراغيات والنيوترونيات.
المثرثرون على هامش العدوان إعلاميين وساسة وقضاة وبرلمانيين ومهندسين وأكاديميين وعسكريين على دكة التحليل.. كونوا شرفاء، واحملوا السلاح، أو فاخرسوا للأبد..
عنكم أتحدث.. عن فائض لحم آدمي لا حاجة للبلد إليه، فيما يعتقد أصحابه أنهم محور دوران الكون ـ فقط ـ لأنهم (يناهضون العدوان)، ولو أنهم انحازوا علانية للعدوان لتعافى البلد، وانزاح عن كاهله فائض عبءٍ يجهد عموده الفقري بنتظيراته وسفسطاته ونزاعاته الصبيانية وتهويماته في فضاء لا تحتمله ملابسات اللحظة الوطنية.
أمعنوا البصيرة في تلك الأجساد النحيلة لمقاتلي الجيش واللجان المرابطين في خنادق الكرامة، لتدركوا أنكم مجرد ورم، وأصيخوا السمع للعلعة بنادق مقاتلي الجيش واللجان، لتدركوا أن كل صوت سواها جلبة فارغة وجعجعة بلا طحين، وأن أنكر الأصوات لأصواتكم الناهقة بباطل يتزيا منطق الحق.
كم أنتم صغار وأنتم تشدُّون سراويل بعضكم البعض، مرة باسم الفساد، وأخرى باسم الحرية، وثالثة باسم الدولة المدنية، كما لو أن في الوقت متسعاً للهراء، وكما لو أن الشجاعة أن تدير قفاك للعدو الحاضر طعناً في ظهر الصديق والأخ والحليف، وقبل ذلك طعناً في ظهر المقاتل الذي يذود بروحه الغوائل عن كل روح هانئة في مخدعها وعاكفة على الترهات.
يعوزني أن أكون سفيهاً أبعد حدود السفاهة معكم، فليس ثمة ما هو أسفه من أن يخيط البعض لأنفسهم معركة خارج معركة الوطن، وطريقاً خارج الطريق المفضي إلى خنادق الشرف على امتداد ملحمة الدفاع الوطني الكبرى، متذرعين بمساوئ (حكومة الإنقاذ أو المجلس السياسي)، معتقدين في أنفسهم أنهم رسل نضال موكلون بشغل فراغ عجز أو (جَبُن) الآخرون عن شغله تهيباً لكلفته، فيما الحقيقة أنهم لائذون بالفرار إلى أقل الساحات كلفة وأفدحها ضرراً على الوطن ومقتضيات المعركة الكبرى.
إن الأسوأ من الحكومة الراهنة هو من يستلهم وظيفته من سوئها مناهضاً إياها بوصفها أصل الشرور المحيقة بالوطن، مستدرجاً الشعب إلى الشارع باسم فضيلة المعارضة في هذا الظرف العصيب الذي يتعين أن تستثمر كل الجهود فيه لصالح مناهضة مشروع العدوان كعنوان كبير جامع لكل الطيف الوطني الاجتماعي والسياسي، والخروج على هذا المسار هو خيانة غير مسوَّغة، ولا يشفع لها أن تتوارى خلف أطهر العناوين واللبوس.
على شهرزاد - إذن - أن تسكت؛ وعلى حكومة الإنقاذ أن تفي بما قطعته من وعود، وتدفع للغلابى رواتبهم.

أترك تعليقاً

التعليقات