جيل انتصار لا تسوية
 

د. مهيوب الحسام

الشعب اليمني أصل شعوب الأرض، بإرث حضاري، وعمق تاريخي لـ9000 عام، بمخزون كامن من الطاقة ليست لسواه، والتي تبرز عند الملمات كقوة وبأس شديد، بها يصنع المعجزات، ويقبر الغزاة، ويهزم المستكبرين والطغاة، لهذا تراه يتقدم، وينتصر ميدانياً في كل الجبهات، انتصاراً يتعرض للهدر لعدم ترجمته في الجانب السياسي المتخلف كثيراً عن الميدان، لبحثه عن تسويات.
إن الشعب صاحب الحق، والسيادة، والسلطة، والقرار، لا يبحث عن تسويات مع من يعتدي عليه، ودفاعه عن نفسه، وأرضه، وعرضه، وشرفه، لا يحتاج تسويات، فالدفاع فطرة إنسانية قبل أن يكون واجباً وطنياً، ودينياً، وأخلاقياً، ومع العدوان لا تستقيم التسويات، قال تعالى: (وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا إن الله لايحب المعتدين) (البقرة: 190)، وقال: (فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم واتقوا الله واعلموا أن الله مع المتقين) (البقرة: 194). العدوان يجب مواجهته فقط، ومن يحتاج لتسويات هو المعتدي الذي تورط بحرب عدوانية منذ عامين، ولم يحقق لها هدفاً، فيحتاج لمن يخرجه من مأزقه، وينزله من شجرته دون المرور بهزيمة كاملة نهاراً، وكل ما يحتاجه الشعب قرار المواجهة العسكرية، وقد تم، وعلى الفريق السياسي الممنوح ثقة الشعب، أن يدرك ذلك، وهو غير مخول البحث عن تسويات، ويجب إدارة الملف السياسي بوعي وإدراك، والاتكاء على منجزات الميدان، حتى لا تتكرر الأخطاء!
فمن قرار نقل البنك دون القيام بما يجب! جاء قرار نقل جلسات مجلس النواب إلى عدن، نتيجة لخطأ الجانب السياسي المتمثل في استقباله (ولد الشيك) بوفدي أنصار، ومؤتمر، ولدينا حكومة فيها خارجية، وبذلك تم الاعتراف بشرعية هادي، وإلغاء شرعية شعب وسلطة. إذن لماذا ينجح التحرك السياسي لهادي؟ ذلك لقصور في عمل فريقنا السياسي. والقرار ليس خطوة في الهواء، بل مدروس، وله تبعاته ما لم نتحرك لمواجهته، ولندرك أننا نبقي على شرعية هادي عندما لا نحاكمه ومن معه وفقاً للدستور والقانون، بتهمة الخيانة للشعب والعمالة للأجنبي، وإن لم تقم سلطة الشعب بذلك، فإن الخونة ماضون حتماً لمحاكمتها، فالقبول بهادي رئيساً ولو لمدة 10 دقائق فقط، كافية لتوقيعه على قرار يحيل بموجبه السلطة القائمة ومن يريد للمحاكمة بتهمة التمرد والخروج عن الشرعية الدستورية، وارتكاب جرائم حرب، وسيكون لزاماً على من يعينه هادي نائباً ليخلفه، تنفيذ المحاكمة، والمضي فيها، وإن لم يفعل فلا شرعية له، فقد تم تعيينه بالقرار نفسه الذي أحالك للمحاكمة، ويتمتع بالقوة نفسها والإلزام ذاته، وإن تراخى سيُلزمه مجتمع دولي ولَّيته أمرك، فمجيئه السلطة لتنفيذ التزامات على رأسها محاكمتك، وستنال منه بمقدار ما كنت تأمل أن تعطيه، وأكثر، لا يختلف بشيء، إلاّ أنك أنت مجرم رغم براءتك، وهو بريء رغم إجرامه.
إذن، على الجانب السياسي أن يتقن عمله، ويملأ الفراغ السياسي في الخارج، كما يتقن الجانب الميداني عمله، بل ويتقدم عليه، امضِ لملء الفراغ، ودع من يرفض يرفض، واعلم أن الخارج بحاجة إليك كما تحتاجه وأكثر، وما عودة (ولد شيك العدوان والجريمة) إلا لتأخير ملء الفراغ، هذا ولد مجرم، ومن يتعامل معه مثله، بل يقبل دعس هادي، وذبح داعش، إن التعامل معه خطيئة لن يغفرها الشعب، ولد يجب عليه وقف عدوانه أولاً، فوقف المعتدي لعدوانه أمر سهل لايحتاج مفاوضات، ولقاءات، ومباحثات.. وعلى سلطة الشعب أن تعلم أن هذا الجيل جيل الانتصارات، لا تستقيم معه تسويات، جيل صمد في المواجهة عامين، ولا يزال قادراً على الصمود، وينتصر، يجب عدم إلحاقه قسراً بالجيل السابق، وإدخاله في زواريب تسويات لايحسنها، وإن تم إجباره سينفجر بوجه من يجبره. فالمستقبل مستقبله، جيل مقاتل يردد (هيهات منا الذلة)، يجب عدم المس بمستقبله، واستنساخ جيل مهزوم سابق نراه يقاتل اليوم بصف العدوان ضد وطنه، وشعبه، وإن الهزائم التي يتلقاها العدوان (السعوصهيوأمريكي) في كل الجبهات، وانكساراته التي لا تنتهي رغم ما يملك من عدة وعتاد، لدليل على صحة القول.
التحية والإجلال للشعب اليمني العظيم بجيشه ولجانه (جيل النصر).. الرحمة والخلود للشهداء.. الشفاء للجرحى.. الحرية للأسرى.. الهزيمة للعدوان ومرتزقته.. اللعنة على الخونة وأنصاف الرجال.. النصر لليمن أرضاً وإنساناً وهوية.

أترك تعليقاً

التعليقات