اليمن مدرسة للشعوب الحرة
 

د. مهيوب الحسام

كثيرة هي الشعوب الواقعة تحت نير الظلم والطغيان أو الاحتلال أو الوصاية، ومصادرة القرار، واستلاب السيادة، والتواقة لنيل حريتها، الساعية للانعتاق من ذلك، ولكنها تفتقر لمدرسة تعليمية صادقة، مجربة تنهل من معينها، تنمي قدراتها، وترفع وعيها، وصولاً لامتلاك إرادة النصر والقرار. وهنا تبرز اليمن في مواجهة العدوان (السعوصهيوأمريكي)، وتثبت عملياً أنها مدرسة للشعوب الحرة حول العالم، وشعبها اليمني العظيم بما يمتلك من مخزون حضاري عربي صرف، وإرث تاريخي في النصر، وبما يظهره من إرادة صلبة، وقوة وبأس شديد في المواجهة أثبت أنه قائد ومعلم في الحرية، وبعث العزة والكرامة، وإحياء روح الانتصار على الأعداء، وأنه مدرسة في الصبر والثبات في مواجهة الأعداء، وإبداع بتطوير أساليب وسلاح المواجهة من أبسط الإمكانات، والتفوق على أكثر المعدات الحربية تطوراً، وقهرها وتدميرها، وحرقها بالولاعة، وخلال 3 سنوات من العدوان على الشعب اليمني، وهو في دفاعه عن نفسه يسطر أروع البطولات والملاحم والانتصارات في الميدان، وبواسطة سُلّم بسيط، وبضعة أفراد يسيطر على أكبر معسكرات العدوان، وأكثرها تحصيناً ومنعة، وهو ما جعل العدوان يبحث عن أية ورقة توت يستر بها سوأته، وما حدث أواخر شهر يناير 2018م في عدن من تباديل وتوافيق، ليس إلا لحرف الأنظار عما يتجرعه العدوان ومرتزقته في جبهات المواجهة، والتغطية على هزائمهم الميدانية.
لقد استنفد العدوان كل ما يملك من قوة بعد أن استخدم في إبادة الشعب اليمني كل أنواع وصنوف الحرب من عسكرية مباشرة، وإعلامية تضليلة، وحرب اقتصادية وحصار وتجويع، وحرب بفتاوى دين الاستعمار (الإخواوهابي) الضالة، والحرب السياسية.. الخ، والتي بات معها الشعب اليمني يدرك جيداً أنه لا حل لهذه الحرب العدوانية عليه إلاّ بمواجهتها، والحشد للجبهات لحسم المعركة، وكذلك غلق البوابة اليمنية إن لزم، واستهداف موارده الاقتصادية بالعمق، وبشكل مباشر (الاقتصاد بالاقتصاد، والحصار بالحصار.. الخ)، والمواجهة السياسية يجب أن يفرد لها مساحة كبيرة، وأن تتكئ على منجزات الميدان، وعلى الجانب السياسي القيام بما يجب على مستوى السياسة الخارجية، والحمد لله أن اليمن المقاوم للعدوان الاستعماري لم يعد برأسين بعد وأد الفتنة، بل برأس واحد، وهذا الرأس لانريد له أن يمثل انقلاباً ولا تمرداً ولا مكوناً، وإنما يمثل شرعية شعب ودولة، لذا فإن رئيس المجلس السياسي الأعلى هو رئيس الجمهورية اليمنية، وعلى وزارة الخارجية تحمل المسؤولية في أية مفاوضات مع العدوان نفسه، لا مرتزقته، قتلة الأطفال والنساء من محسن وعبد ربه إلى آخر جنجويد، كما أن عليها تسمية سفراء وممثلين للجمهورية اليمنية في الخارج، يعترف من يعترف وينكر من ينكر، المهم أن نعترف بأنفسنا أولاً، ويعترف بنا شعبنا ثانياً، والشعب اليمني يحتاج إلى ممثلين عنه، لا وسطاء، ومثلما لم نستأذن أحداً في الرد على العدوان ومواجهته، ومثلما لم نستأذن أحداً بإرسال (بركان 2H) إلى قصر اليمامة في قلب الرياض رمز سيادته، كرد على عدوانه ضد شعبنا، فإننا لن نستأذن أحداً في سيادتنا واستقلالنا، وحقنا في قرارنا الوطني، شاء من شاء، وأبى من أبى، ولن نستأذن كذلك في حقنا بالعيش بحرية وكرامة دون وصاية وتبعية، أو أن نعيش أسياداً على أرضنا، مستقلين في قرارنا الوطني، ومن يريد مشاركتنا في سيادتنا على أرضنا وقرارنا الوطني، نسأله هل يقبل بأن نشاركه سيادته على أرضه وقراره، وحينها للشعب النظر بالأمر، لأن الأرض والحرية والسيادة ملك للشعب وحده، وفقاً لقوانين وأعراف الأرض، وشرائع السماء، حق ثابت لا يقبل التسويات، لذا لا يحق لأحد التفريط بها والتنازل عنها أو التفاوض حولها، ولا حوار مع من أضر بالشعب قتلاً ونهباً، ثم فرّ من البلد هارباً، واستدعى عليه العدوان، وإذا ما أرادوا حواراً داخلياً فأهلاً وسهلاً، لكن تحت سقف مواجهة العدوان، وأي حوار لا يكون على أساس مواجهة العدوان، فهو خيانة لله، والوطن والشعب، وخيانة لدماء الشهداء، والشعب لن يقبل بذلك، لأنه باطل، والباطل زاهق وعداً إلهياً؛ قال تعالى: (بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق ولكم الويل مما تصفون) [الأنبياء: 18].
وهنا يعتمد الشعب اليمني في مواجهة العدوان على ثقافة وقيم إنسانية بموروث إنساني عمقه عمر الإنسان ذاته، إرثاً مشفوعاً بثقافة قرآنية إلهية لم يسبقه إليها شعب آخر، وهو ما يجعل اليمن مدرسة، وشعبه معلماً للشعوب الحرة.
التحية للشعب اليمني العظيم المجاهد بجيشه ولجانه الشعبية.. الر حمة والخلود للشهداء.. الشفاء للجرحى.. الحرية للأسرى.. الخزي والعار للخونة والعملاء.. اللعنة على أنصاف الرجال.. الهزيمة للعدوان (السعوصهيوأمريكي) على اليمن والأمة.. النصر للشعب اليمني العظيم.

أترك تعليقاً

التعليقات