عبدالفتاح حيدرة

عبدالفتاح حيدرة / لا ميديا -

علينا أولاً أن نستعيد تدحرج أحداث السنوات الـ10 الماضية، فبعد أن فشلت قطر في احتواء وقيادة مخرجات ثورات الربيع العربي 2011م لمنح أحزاب الإخوان المسلمين كراسي الحكم وتسليمهم السلطة في (سوريا- مصر- اليمن) تحت غطاء وتحالف سياسي مع تركيا لدعم ومساندة هذه الأحزاب السياسية الإخوانية، والتي هي أصلا أحزاب وأجنحة سياسية لتنظيم القاعدة، ونجحت أحزاب الإخوان في الوصول للسلطة في تونس وكادت أن تنجح في الاستيلاء على السلطة في مصر واليمن، ودمرت سوريا والجيش العربي السوري، وبدأت في تشكيل دولة الخلافة في العراق.
في مقابل هذا الفشل القطري دفعت بريطانيا وفرنسا وإيطاليا، الإمارات في وقت مبكر لإسقاط ليبيا وتقديم الإمارات ببرواز النجاح، بعملية إسقاط نظام القذافي في ليبيا، وبمهمة استخباراتية بإدارة بريطانية وبتوجيهات أمريكية- إسرائيلية، وكانت مهمة الإمارات الأولى بعد سقوط ليبيا هي إحياء واحتواء وإدارة وتجنيد منظومة مليشيات السلفية الجهادية التي هي أصلاً جناح إرهابي، بل من أقدم الأجنحة الإرهابية لتنظيم القاعدة، ثم تطور دور الإمارات بعدها ليتم توكيلها بمهمة ثانية، وهي شراء القيادات العسكرية الكبيرة التي كانت تدير جيوش الأنظمة السياسية التي أسقطتها ثورات الربيع العربي، لتأتي مهمة الإمارات الثالثة، وهي عملية تأطير مليشيات السلفية الجهادية الإرهابية في إطار الجيوش الرسمية، تحت قيادة كبار الضباط الذين استقطبتهم وجندتهم واشترتهم من الأنظمة الساقطة.
نتج لدى الإمارات رصيد نجاح كبير أمام أمريكا وإسرائيل، يقابله رصيد كبير من الفشل القطري، فبينما ظهر نجاح الإمارات في إسقاط حكم الإخوان المسلمين في مصر وعزل مرسي وتنصيب السيسي رئيسا لمصر، وهو من ضباط الجيش المصري لنظام مبارك، وبعدها أسقطت الإمارات تنظيم القاعدة التابع لتركيا في ليبيا وظهرت بجيش من إرهابيي مرتزقة السلفية الجهادية، تحت قيادة الضابط حفتر الذي كان ضابط جيش في نظام القذافي، وبعدها أسقطت الإمارات الإخوان المسلمين وتنظيم القاعدة في اليمن التابع لحزب الإصلاح في المحافظات الجنوبية اليمنية وظهرت بجيش من إرهابيي مرتزقة السلفية الجهادية، تحت مسمى ألوية العمالقة بقيادة الضابط طارق عفاش الذي كان ضابط جيش في نظام صالح..
كان يحدث هذا بينما كانت السعودية موكلة من بريطانيا وأمريكا وإسرائيل بمهمة واحدة وهي احتواء وإدارة وتجنيد إخوان اليمن (حزب الإصلاح) كجناح سياسي يدير تنظيم القاعدة في اليمن وشبه جزيرة العرب، حتى تم طردهم جميعا من صنعاء وقيام ثورة 21 أيلول/سبتمبر 2014م، فجمعت بريطانيا وأمريكا وإسرائيل كلا من قطر والإمارات والسعودية في مهمة الحرب على اليمن والقضاء على الحوثيين، وفي خضم الحرب على اليمن كانت قطر تبحث في اليمن عن فرصة نجاح أمام الإمارات التي بدورها كانت تبحث في اليمن عن فرص لإثبات فشل قطر، وكانت السعودية تريد أن تربح الحرب في اليمن بحصد كل ما تراه من نجاحات الإمارات وترمي بكل فشلها وهزائمها على قطر.
وهكذا بقيت السعودية 5 أعوام في حربها على اليمن ضد ما تسميه «التمدد الشيعي- الإيراني»، وهي تشاهد بعيون (تركية- سنية) صعود تحالفات قطر السياسية والعسكرية والاقتصادية مع تنظيمات الإخوان والقاعدة من جهة، وتلمس بعيون (بريطانية- أمريكية- إسرائيلية) نجاحات الإمارات في صناعة جيوش تبعية وارتهان في كل من مصر وليبيا واليمن، لهذا سوف تبقى السعودية تحاول وستحاول دوما الحصول على دعم وخطة (بريطانية- أمريكية- إسرائيلية) لجمع الإمارات وقطر في مشروع واحد في اليمن.
سيناريو الخطة القادمة هو استمرار السعودية بتغطية هزيمتها وفشلها في حربها على اليمن من خلال تغذية فشل قطر هنا والدفع بنجاحات الإمارات هناك، ليبقى بحث قطر مستمرا عن فرصة للنجاح، بتحريك إخوان تركيا باتجاه احتلال ليبيا لهزيمة (حفتر الإمارات)، ودعم إثيوبيا لقطع مياه النيل على مصر باستكمال بناء سد النهضة لهزيمة (سيسي الإمارات)، لتكون النتيجة هي حصول قطر على فرصة واحدة للنجاح إما في ليبيا أو في مصر، وهزيمة الإمارات إما في ليبيا أو في مصر.
وما بين فرص نجاح أو فشل مخطط قطر لإسقاط حفتر و(سيسي الإمارات) تقوم قطر بتحريك تنظيم القاعدة في اليمن بنصرة وتعزيز ودعم (عواضي البيضاء) ليكون مهددا بديلا لـ(عفاش الإمارات)، ومن ثم يتم الصلح بين الإمارات وقطر، بتنازل الإمارات عن عفاشها وعفشها في الساحل اليمني وتسليم المنطقة الجبلية الوسطى لـ(قاعدة وإخوان قطر) من البيضاء إلى الساحل، ويبقى للإمارات مرتزقة «الانتقالي» في عدن، وتدعم الإمارات وقطر والسعودية قاعدة حضرموت ودواعش مأرب ومرتزقة عدن لضمان نفط حضرموت لبريطانيا وغاز مأرب لأمريكا ومضيق باب المندب لإسرائيل.
وهكذا ومنذ 10 أعوام وأمريكا وبريطانيا وإسرائيل في وحل الجرائم والهزائم والفشل في كل من (العراق وسوريا وليبيا واليمن)، تحرك كلابها وأحذيتها للتدمير، وهم (دواعش وإرهابيو السعودية) ومرتزقة ضباط ومشائخ (السلفية الإماراتية) وتنظيم القاعدة (القطري)، وكل ذلك يحدث فقط لتقريب وتقديم من يكون أفضل «جزمة» لإسرائيل، هل يكون ابن سلمان أم ابن زايد أم ابن حمد، ومن يكون أفضل «نعال» لابن سلمان أو ابن زايد أو ابن حمد، هل يكون محسن أم عفاش أم العواضي..؟!

أترك تعليقاً

التعليقات