عبدالفتاح حيدرة

عبدالفتاح حيدرة / لا ميديا -

من باب قبول الوعي العام دعونا ندخل هذا الباب ونطرقه لنتعمق ولو قليلاً في جوهر محاضرة السيد القائد الثانية بمناسبة عاشوراء، من دروس المحاضرة، قصصها، شعرها، مواقفها، نصيحتها، ووعيها الذي جعل من مناسبة عاشوراء مدرسة نموذجية للتطور الفوقي لفهم أصول الإيمان والهداية وإدراك ماهية الصبر وتزكية النفس، واستيعاب الحكمة والتضحية، وقيمها التي وضحت أن المشكلة ليست في أن نختلف، ولكن في عدم وجود ما نحتكم إليه، ومشروعها الذي يعري ويكشف جهل وضلال تلك الأنظمة والمجتمعات المهووسين بادعاء المثالية، وهم متورطون حتى رأسهم في مستنقعات الممارسات غير السوية والتصرفات الشاذة.
كما تحول أسلحة الردع المعارك الخاسرة إلى معارك انتصار وعزة وكرامة وهيبة وقوة، تحول محاضرات السيد القائد الوعي الشعبي من أسلوب ذلك الفرض المناسباتي التلقيني الذي ضلل الأمة 1400 عام، إلى حقيقة الممارسة الفعلية للوعي الفوقي، وطرح ميداني للقيم السامية وتجربتها فوراً، والتزام بتنفيذ مشروع عزة ورفعه وسيادة على أرض الواقع وليس فقط لليمن واليمنيين بل للأمة العربية والإسلامية وللبشرية كلها.
إن وعي وقيم السيد القائد في جوهره هذا هو مجرد مسودة للمستقبل، بروفة، تجربة، مجرد بداية للحق والخير ولا نهاية له، وهذه المحاضرات في جوهرها أيضاً هي استدعاء للتاريخ إلى الحاضر ومواجهته، ومحاكمته أمام كل البشر، ليس بهدف التشهير أو الانتقام، وإنما بهدف تصحيح الحاضر وصولاً لمستقبل صحيح وحقيقي.
إننا اليوم كيمنيين أمام جوهرين يكشفان جوهر الحياة البشرية نفسها، جوهر خلق الله للإنسان، جوهر البداية والنهاية معاً، جوهر المستقبل وجوهر الماضي، كل ذلك وبين أيدينا وفي زمننا هذا، فالسيد القائد هو أول إنسان وأول زعيم إسلامي وعربي وأول قائد يمني يكتشف جوهر شخصية اليمن الدينية والسياسية، ويضع يده على صيغة التدين اليمني السوي الذي منحه الله حق الانتصار والنصرة والتأييد لكل مذاهب الديانات السماوية، ومحاضرات السيد القائد هي أول من أخرج السياسة الخارجية لليمن كما ينبغي في التخطيط السياسي الأمثل.
وعي وقيم السيد القائد لم تخترع بالطبع شخصية اليمن الدينية ولا السياسية، ولا كان هو أول من شخصها وتعرف عليها نظرياً، لكنه بوعي وقيم ومشروع محاضراته هذه كان أول من بلورها فكرياً، ثم طبقها عملياً إلى أقصى حد، فنقلها من الفكر الديني التطبيعي والتلقيني المتورط بالممارسات الشاذة، إلى التطبيق القرآني، ومباشرة ربط الأفئدة والقلوب والعقول والضمائر بأوامر ونواهي وتعليمات كتاب الله، ونقل الفكر السياسي اليمني إلى التطبيق السياسي أو السياسة التطبيقية.
ومن هنا ينبثق مشروع السيد القائد لوضع اليمن (الجغرافي) في مكانه وقدره الصحيح، وإعادة تصحيح تموضعه لأداء مهمته التي وجد من أجلها، ولا ننسى أن دوائر السيد القائد الثلاث (الوعي - القيم - المشروع) هي الصيغة الجغرافية للوجود اليمني الأول، دوائر تضع خريطة جيوبوليتيكية أصيلة لليمن الناصر لدين الله ورسالات أنبياء الله، المدافع عن الحق وأهل الحق.
من هنا فإن محاضرة السيد القائد هذه، بل كل محاضراته ليست مجرد نظريات خاصة أو نظرة شخصية وفقيهة، ولكنها ليست أكثر أو أقل من مجمل الاستراتيجية العليا والخطة العظمى لسنن الله في التغيير، لإيصال هدى الله للناس، وتعليمهم الكتاب والحكمة وتزكيتهم، ويصاحبها بالتأكيد الفكر السياسي لوجه اليمن السياسي وإظهاره وكشفه للعالم كما ينبع من طبيعة أرضها الطيبة ووضع شعبها ذي القوة والبأس الشديد وموقع أفئدة رجالها وقادتها وقبائلها التي دعا لهم سيدنا إبراهيم بأن تهوي للحفاظ على مصادر علوم رسالات وهداية الله، كتعبير استراتيجي كوني عن شخصية اليمن الكامنة في كتاب الله التي منحها سورة "سبأ" في كتابه العزيز.

أترك تعليقاً

التعليقات