عبدالفتاح حيدرة

عبدالفتاح حيدرة / لا ميديا -
ثمانية أعوام من العدوان والحصار والاحتلال السعو - أمريكي، فيها المؤامرات والمكائد والكذب والتضليل والتشهير والاستقطاب وملعنة جد، وفي كل مرة يسقط العدو وينكشف ويفتضح هو وأدواته وكل من تورط باتباعه، بمعرفة أو بدون معرفة. ثمانية أعوام ولم نتعلم بعد كيفية نكون واعين، أو عدم التورط مع ما يبثه العدو من سموم، ثمانية أعوام والنخب السياسية والثقافية والإعلامية في صنعاء لا تزال مجرد شلل انتهازية عصبوية، لديها الاستعداد السريع للتفريط في كل المواقف والتضحيات والبطولات، والإخلال بالمصالح العليا للوطن والمواطن، وهذا الاستعداد إن حدث بقصد أو بإهمال فهو خيانة عظمى. ثمانية أعوام أصبح فيها إلقاء الاتهامات على أشرف وأطهر وأنبل الرجال أسهل كثيرا من إثبات جزء من البراءة.
ثمانية أعوام فيها من الدروس والصور والمشاهد والنماذج الحية والميتة للخيانة والعمالة والارتزاق. راجعوا نموذج بيع وشراء علي البخيتي فيكم، وتعلموا من درس خيانة آل عفاش لكم، وتأملوا مشهد انقلاب محمد عايش عليكم، وراجعوا لعنة تعيين وزير الإعلام عبدالسلام جابر وهروبه للرياض كيف أثرت عليكم... ثمانية أعوام ولم ندرك أو نعلم بعد أنه إذا تناقضت المبادئ مع المصالح، فإحداهما خطأ. ثمانية أعوام وكافة قيادات ومسؤولي الدولة والقائمين على كافة مؤسسات الدولة من رئيس المجلس السياسي الأعلى وحتى أصغر مشرف في منطقة نائية، لا يحتوي أو يمول أو يدعم أو يوظف أو يحدث أو يلتقي أو يرد  إلا على النفسيات السياسية والإعلامية الانتهازية بامتياز، والتي لا علاقة لها بقضية التحرر والاستقلال ولا بالتغيير لا من قريب ولا من بعيد، لا يعملون حساب إلا لغير المؤهلين، والذين تاريخهم ومواقفهم تشهد على بؤس وتعاسة حالة الحاوي والمحتوي الثقافية والفكرية والتنظيمية والسياسية، ولا يعتمد عليهم إلا فاقدو الوعي والمغيبون والعملاء والمنافقون.
ثمانية أعوام والإعلام أداة للإيلام، وكافة مسؤولي وسائل الإعلام الرسمية، وأصحاب وملاك وسائل الإعلام الأهلية، وناشطي المواقع الافتراضية، لم يدركوا أن من أساليب الإلهاء عن المشكلة الحقيقية الاستدراج، إما لمشاكل غير حقيقية، وإما إلى مشاكل ثانوية، وقد تفننت وسائل إعلام دول العدوان في ابتكار آلاف من الحيل والتكتيكات لفعل ذلك، ربما أبسطها الابتزاز العاطفي والوطني. ثمانية أعوام وأعداء اليمن يستخدمون حيلة تقديم أطباق التضليل، شهية الأكل، وفجأة ينزل رواد إعلامنا المبجل على المائدة دون أن يفحصوا مكوناتها، التي هي في الأغلب الأعم تحتوي أحد طبقين أو كليهما معا، إما طبق الصدق الذي يحتوي قليلا من الكذب، وإما طبق الكذب الذي يحتوي قليلا من الصدق، والنتيجة واحدة، تسمم فكري وطرش ثقافي وتلبك عقائدي ودوخة مناطقية، والأهم هو إبعاد الكل عن جوهر القضية الحقيقية لمواجهة العدوان، إلى حواف القضايا الوهمية.
ثمانية أعوام وتبقى الأسئلة الأهم هي: هل نحن نستحق التحرر والاستقلال والتغيير بالفعل؟! هل هناك احتمال ألا نختلف حول قضية مواجهة العدو والهدف والاتجاه والوسائل والأساليب والرجال والقيادة؟! هل هناك إمكانية أن نحتكم إلى معايير موضوعية عندما نختلف؟! هل يمكن أن نؤكد أن خلافاتنا لن تتحول لخصومة ولعداء يتساوى مع خصومتنا وعدائنا للعدو الحقيقي؟! هل هناك أمل ألا نكرر نفس الأخطاء والخطايا التي تحدث منذ ثمانية أعوام وحتى الآن؟!
أتمنى أن أكون مخطئا وجاهلا وأحمقا وانتهازيا، وإذا تطلب الأمر أتمنى أن أكون منافقا من أجل راحة ضمائر وسرائر الكثير ممن لا يحلو لهم قولي أو اسمي أو صورتي أو كتاباتي، لأني أعتقد جازما أنه وبعد ثمانية أعوام لم نتعلم أو نؤثر في تغيير هذا الفشل. إن من يملك قرار السلطة والثروة مصمم وعلى جثته، أن يثبت أن من لم يضع رأسه تحت صنادله أو ينبطح تحت كرشته هم غير مؤهلين لا مناطقيا ولا نفسيا ولا دينيا، وهذا يعني أن التعامل الموضوعي مع كل الإشكاليات الموضوعية سوف يكون بالنسبة لنا مجرد استدراج آخر للتورط في أكل وجبة فيها الكثير من الكذب والقليل من الصدق.
عفوا على الصراحة البايخة هذه!
وأدعو ربي أن ينتزع روحي أو تذروني الرياح قبل تحقيق أيتها أمنية تمنيتها لنفسي أعلاه.

أترك تعليقاً

التعليقات