عبدالفتاح حيدرة

عبدالفتاح حيدرة / لا ميديا -
واصل السيد القائد، في محاضرته الرمضانية السادسة، حديثه عن نعم الله الكبيرة في سورة الرحمن، التي بدايتها نعمة الهداية، وهذه النعمة هي مفتاح كل النعم التي تؤدي لاستقرار حياة الإنسان، وهذا الاستقرار متوقف على نعمة الهداية، والأثر الطبيعي والسليم والصحيح في استذكار هذه النعم هو الانشداد والمحبة لله سبحانه وتعالى، وأن تكون استجابتنا لله بالتحرك والسعي برغبة ومحبة وتفاعل إيجابي، والحالة السلبية هي الغفلة وحالة التكبر وعدم تقدير نعم الله المادية أو المعنوية، وهذه هي الحالة الخطيرة جدا على الإنسان، وكأن ما أعطاه الله هو جدارة شخصية والعياذ بالله، وهذه الحالة تؤثر على حياة الإنسان وتبعده عن الشكر لله فلا يلتزم بتوجيهات الله، منفصلا عن هدى الله ويؤثر في أدائه العملي الذي يتحرك بأهداف وأهواء ومقاصد شخصية، تتضخم الأنا والجدارة الشخصية فيقع في الخطر الكبير.
الله سبحانه وتعالى هو رب المشرقين والمغربين، وبالتالي فإن الله هو رب كل النعم في كل أنحاء الأرض، تلك النعم التي فيها مسؤوليات تستقر بها حياة الإنسان. ومن النعم الكبرى نعمة البحار التي هي من مظاهر التسخير الكبير للإنسان، والنعم المتفرعة الكثيرة والمتنوعة في البحار، من الغذاء والتجارة والحركة إلى التقاء البحار مع بعضها البعض الذي فيه آية عظيمة ونعمة كبيرة في إطار التدبير الإلهي. وبعد نعمة الغذاء تأتي من البحار نعمة المرجان ونعم الزينة، وله سبحانه وتعالى السفن التي أنعم الله بها على الإنسان الذي يعتمد عليها في حركته التجارية الضخمة، ومعظم احتياجات الناس والشعوب والأمم تنقل عبر السفن، وهذه النعمة العظيمة كيف لا نشكر الله عليها وعلى أساس العدل؟! وعدم شكر الله على هذه النعم يصبح طغياناً يفسد عليه كل تلك النعم.
كل هذه النعم، وكل من على الأرض سوف يفنى ولا يبقى إلا الله. وليدرك الإنسان هذه النعم عليه أن يشد نفسه لله، فهو بحاجة لأن يتذكر أصله أنه من صلصال، وأن يتذكر أنه سوف يفنى، وأن هذه النعم سوف تفنى، وعليه أن يتعامل مع هذه النعم من منطلق المسؤولية، حتى لا ينسى أن هناك حياتين، فلا يتجه كل اهتمامه إلى الحياة الدنيا وينسى الحياة الأخرى. وتذكر الفناء يساعد الإنسان على أن يستقيم في هذه الحياة، ليستقيم مستقبله في الحياة الأخرى التي تأتي بعد الفناء. وبعد كل هذه النعم يعرض الله على الإنسان أنه سيعطيه المزيد من فضله وأن بابه لن يغلق من كرمه، وهذا تكريم كبير للإنسان، وعلى الإنسان أن يخجل ويستحي من الله الحي القيوم الذي فضله مستمر ورحمته وعطاؤه مستمر، وإن لم يقدر الإنسان ويشكر الله على هذه النعم وهناك عواقب سيئة وخطيرة في الدنيا والآخرة.

أترك تعليقاً

التعليقات