بعد الرد الإيراني الموجع.. هل تقضي كمائن غزة القاتلة على نتنياهو؟
- شارل أبي نادر الأثنين , 30 يـونـيـو , 2025 الساعة 1:29:56 AM
- 0 تعليقات
شارل أبي نادر / لا ميديا -
في الوقت الذي كان فيه نتنياهو يتخبط جاهداً لإيجاد صورة معقولة يخرج فيها حافظاً بعضاً من ماء الوجه، بعد الرد الإيراني الموجع والحاسم على الكيان بسبب عدوانه الغادر على الجمهورية الإسلامية، وذلك بالتزامن مع تخبط مماثل داخل الإدارة ومع الإعلام في الولايات المتحدة لتوصيف نتيجة المواجهة مع إيران إذا كانت قد نجحت أو فشلت، والتي تمثلت باستهداف المنشآت النووية الإيرانية، وبالرد الإيراني باستهداف قاعدة «العديد» في قطر؛ جاءت ضربة الكمين الاستثنائي لوحدات العدو «الإسرائيلي» جنوب خان يونس، وسقوط ضابط وستة جنود صهاينة، لتسلط الأنظار على «مستنقع غزة» القاتل، وعلى جدوى هذه الحرب المجنونة التي تُشن على القطاع، من دون أن تحقق حتى الآن أياً من أهدافها، مع استمرار النزف في وحدات العدو، ومع استمرار الإبادة الجماعية ضد الشعب الفلسطيني.
طبعاً، هناك رابط قوي، في الأساس، بين الحرب على غزة والشعب الفلسطيني وبين المواجهة «الإسرائيلية» - الإيرانية، بشكل عام، والمعركة الأخيرة بين الطرفين بشكل خاص؛ إذ إن الصراع الإيراني - الصهيوني قائم في أساسه على دعم الجمهورية الإسلامية الإيرانية للمقاومة ضد احتلال فلسطين وضد اغتصاب الكيان للمقدسات الإسلامية والعربية. ويمكن، أيضاً، إيجاد رابط أساسي وقوي، اليوم، بين خسارة «إسرائيل» المواجهة الأخيرة ضد إيران، وبين تعثر جيشها وتصاعد خسائره في غزة، وبالتالي يمكن أن يؤسس وقف إطلاق النار الأخير بين إيران والكيان للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار والعدوان على غزة وإنهاء قضية الأسرى «الإسرائيليين» والموقوفين الفلسطينيين في سجون الاحتلال.
هذا الرابط يمكن إظهاره في الإضاءة على النقاط الآتية:
1 - اكتشفت «إسرائيل» سريعاً، وبعد أقل من 12 يوماً من المواجهة مع إيران، أن الأخيرة ثابتة وقوية، بشعبها وقياداتها وصواريخها ومسيّراتها، وذلك بمعزل عما إذا كانت قدراتها النووية قد دُمّرَت أم لم تُدمّر.
2 - اكتشفت «إسرائيل»، أيضاً، صحة وجدية الخطاب الإيراني الدائم بأن الكيان سيلاقي الأهوال في حال الاعتداء على إيران. وهذا ما حصل، ومشاهد الدمار الهائل وغير المتوقع، في «تل أبيب» وحيفا وبئر السبع، شاهدة على هذه الأهوال.
3 - اكتشفت «إسرائيل»، أيضاً، أن مسار تصاعد المناورة الصاروخية الإيرانية فرض نفسه، يوماً بعد يوم وساعة بعد ساعة، في النماذج المتطورة من الصواريخ الباليستية والفرط الصوتية، وفي قدرة التدمير غير الطبيعية لهذه الصواريخ، وفي عجز منظومات الدفاع الجوي «الإسرائيلية» والأمريكية عن إسقاط هذه الصواريخ ومنعها من تحقيق أهدافه.
4 - اكتشفت «إسرائيل»، أيضاً، أن جغرافيا إيران الشاسعة كلها، والبالغة مليوناً وستمائة ألف كيلومتر مربع، مشبعة بقواعد إطلاق صواريخ ومسيّرات وبمخازن وأنفاق قتالية مختصة بالقتال الصاروخي، ومجهزة لتقاتل عشرات السنوات دفاعاً وهجوماً.
أما في قطاع غزة، فقد وصلت إلى نتنياهو بالذات رسالة حاسمة من المقاومة الفلسطينية، وذلك عبر كمين حركة حماس الأخير، في جنوب خان يونس، استهدف وحدة هندسية صهيونية فسقط سبعة جنود وضابط بعد استهداف آليتين بعبوتي «شواظ»، نُفّذ بعمل فدائي، حيث لا يمكن التدخل في هذا النوع من العبوات إلا على مسافة قريبة جداً تصل إلى الصفر، كي يلصق العبوة في جسم آلية العدو، أو برمي عبوة «شواظ» من فتحة آلية العدو العليا.
هذه الرسالة الحاسمة إلى العدو، من كمين جنوب خان يونس، يمكن ترجمتها بأنه:
1 - مع اقتراب انقضاء سنتين تقريباً على الحرب على غزة، ومع كل هذه الجهود الضخمة التي دفعها العدو في معركته داخل القطاع، ومع هذا المستوى غير المسبوق من التدمير والمجازر والاغتيالات، ما تزال وحدات المقاومة، وحماس تحديداً، تخطط وتكمن وتهجم وتقتل جنود العدو وضباطه على مسافة صفر، وما تزال قدرة هؤلاء الأبطال المقاومين واضحة في إمساكهم بمحاور القتال وفي سيطرتهم بالنار والعبوات، لاستهداف جنود العدو وآلياته المتوغلة في شوارع القطاع المدمر وأحيائه.
2- مع استمرار القتال والحرب، ومع استعمال العدو أساليب القهر والدمار والقتل كلها، بما يملكه من إمكانات ضخمة من أسلحة الجو والمدرعات والمدفعية والاستعلام والذكاء الصناعي... وغيرها، ما تزال المقاومة الفلسطينية ثابتة في معركتها وعلى أهدافها ومطالبها، وما تزال تناور في الميدان والتفاوض، وما تزال تشكّل رقماً صعباً أمام كل محاولات فرض الحلول التي هي في غير مصلحة المقاومة وأبناء غزة.
ممّا تقدم، ومع المستوى الذي فرضته إيران ضد الكيان من توازن ردع ورعب، فُتح باب لانصياع نتنياهو نحو القبول بوقف إطلاق النار، مع أن الصلية الأخيرة من المعركة كانت إيرانية ومدمرة وموجعة لجغرافيا الكيان كلها، ومستوى ما فرضته وتفرضه المقاومة الفلسطينية في غزة من ثبات والتزام بالقتال حتى النهاية، وما تحققه من إيلام لجنود العدو في المواجهات القاتلة وعلى مسافة صفر، ستدفع نتنياهو مرغماً إلى إنهاء عدوانه على غزة، وتسهيل تسوية تبادل الأسرى والموقوفين، وبالطريقة التي طرحتها حماس منذ البداية، والتي كان يفترض به أن يسير فيها منذ أكثر من سنة من اليوم.
تالياً، وأمام هول مشاهد الدمار التي رآها العالم في كبرى «مدن» (مستوطنات) الكيان، والتي لم يكن أحد ينتظر رؤيتها حتى في الأحلام، بسبب مغامرة نتنياهو المجنونة ضد إيران، وأمام صدمة الكيان المنتظرة من نتنياهو بعد قبوله مرغماً بتسوية تحمل أغلب ما تبقى من الأسرى «الإسرائيليين» قتلى، من دون تحقيق أهدافه الأخرى، أصبح من الطبيعي والمنطقي أن تكون نهاية نتنياهو السياسية قد اقتربت، وأصبحت مؤكدة.
المصدر شارل أبي نادر
زيارة جميع مقالات: شارل أبي نادر