شارل أبي نادر

شارل أبي نادر / لا ميديا -
في الواقع، لا يمكن تجاوز ما استطاع العدو «الإسرائيلي» تحقيقه حتى الآن على صعيد القتل والتدمير والتهجير، ولا يمكن تالياً القفز على تداعيات ذلك والتأثيرات السلبية له على الصعد الاجتماعية والانسانية والاقتصادية، وغيرها.
طبعاً، هذه القدرة للعدو «الإسرائيلي» على التدمير والتهجير والقتل، وتحديداً للمدنيين الآمنين في منازلهم، هي قدرة موجودة ومتاحة بأرجحية، كانت في الماضي وهي اليوم واضحة عبر هذه القدرة الجوية شبه الكاسحة، وربما ستبقى مستقبلاً. ولا يمكن، في المدى المنظور أقله، مواجهتها، لا تقنياً أو عسكرياً، على صعيد تفوقه في القدرات الضخمة والمتطورة، وخاصة مع الدعم غير المحدود الذي تقدمه له الولايات المتحدة، ولا عالمياً على صعيد القوانين الدولية وصلاحيات مؤسسات المجتمع الدولي، مثل مجلس الأمن أو الأمم المتحدة أو المحاكم الدولية المعنية بضبط ومنع هذه الجرائم الصهيونية غير المسبوقة، في غزة أو في لبنان، حيث لا وجود أي تأثير أو دور لكل هذه المؤسسات في منع العدو «الإسرائيلي» من تنفيذ هذه المجازر.
هذا لناحية قدرة العدو التدميرية، والتي من المفترض أن تُترجم أيضاً في الميدان وعلى جبهات المواجهة المباشرة، الأمر الذي لا يحصل عملياً، حيث الميدان اليوم، وعلى كل نقاط المواجهة جنوباً، يُظهر عجزاً وفشلاً لهذه الإمكانات العسكرية للعدو عن تحقيق هدفين أساسيين وضعهما عنواناً لمعركته البرية التي أطلقها منذ ثلاثة أسابيع تقريباً: الأول: تنفيذ توغل بري لتدمير بنية حزب الله العسكرية، والثاني: إعادة مهجري المستوطنات الشمالية إلى منازلهم.
في المقابل، وبناء على هذين الهدفين، اللذين يعمل جاهداً العدو لتحقيقهما من دون جدوى حتى الآن، وانطلاقاً مما تضمنه البيان الأخير لغرفة عمليات المقاومة الإسلامية في لبنان، يمكن أن نضيء على ميدان المواجهة الحالية جنوباً.
في البداية، لقد فنّد البيان كل خطوط ومحاور المواجهة الميدانية حالياً على حدودنا الجنوبية مع فلسطين المحتلة، محدداً وبشكل تفصيلي كل الأعمال القتالية التي تدور رحاها على المحاور كافة التي يحاول العدو التوغل منها، من ناحية وحدات العدو المكدسة على خط المواجهة، والتي تناهز الست فرق كاملة، أو من ناحية وحدات المقاومة التي يبدو أنها تنتشر بفاعلية وبجهوزية استثنائية على كامل الحدود بمسافة تضاهي 110 كيلومترات من البحر (الناقورة) حتى مزارع شبعا المحتلة، ومظهراً وبشكل واضح خسائر العدو على تلك المحاور، وحيث رسم البيان المشهد الميداني والعسكري كاملاً، يتبين استحالة تنفيذ توغل ناجح، وبالتالي استحالة تدمير بنية المقاومة العسكرية واستحالة تنفيذ أحد أهداف العدو الرئيسة.
في الاتجاه الثاني، أضاء البيان على ما تحققه المقاومة على صعيد الاستهداف الصاروخي والمسيّر داخل المنطقة الشمالية للعدو ووصولاً إلى المنطقة الوسطى في محيط «تل أبيب» (شرقاً وجنوباً أيضاً)، ليظهر البيان وبشكل تفصيلي أيضاً، توسع المناطق المستهدفة تباعاً ومستوطناتها التي تُهجّر وتُخلى، والتي تضاف تباعاً إلى المستوطنات الحدودية المهجرة، والتي كان هدف العدو الأساسي إنهاء تهجيرها وإعادة سكانها اليها.
أخيراً، نستند الى العبارة الأخيرة التي خُتم بها البيان: «إن المقاومة الإسلامية على عهدها ووعدها لشهيدها الأسمى والأقدس سماحة الأمين العام السيد حسن نصر الله - قدس سره الشريف، بأنّ مستوطنات شمال فلسطين المحتلة ستبقى خالية من المستوطنين حتى وقف الحرب على غزة ولبنان»، لاستنتاج أن الهدف الرئيسي الذي وضعه العدو لعدوانه المجنون على لبنان لا يمكن أن يتحقق عملياً، بل من المستحيل أن يتحقق، أولاً في ظل هذا الالتزام المقدس بوصية القائد الشهيد السيد حسن نصر الله، والذي عبّر عنه البيان بكل وضوح وبكل ثقة، وثانياً في ظل متانة وصلابة مناورة المقاومة في دفاعها عن لبنان.

 محلل عسكري واستراتيجي لبناني

أترك تعليقاً

التعليقات