بين الميدان والمفاوضات ورفض تمديد عمل فريق الخبراء الخاصّ باليمن.. هذا ما تخشاه السعودية والإمارات!!
- شارل أبي نادر الأثنين , 11 أكـتـوبـر , 2021 الساعة 9:13:17 PM
- 0 تعليقات
شارل أبي نادر / لا ميديا -
رغم أهمية الحدث وخطورته، وارتباطه بأحد الملفات المعنية بشكل كامل بدور ومهمات وواجبات مؤسسات الأمم المتحدة، لم يستغرب المتابعون الجديون للحرب على اليمن قرار مجلس حقوق الإنسان، القاضي برفض تمديد عمل فريق الخبراء الخاصّ باليمن، وذلك عبر الضغط على الدول الأعضاء للتصويت ضدّ مشروع القرار لتمديد التفويض.
والسبب في عدم الاستغراب هذا أن الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي وجميع مؤسسات الأمم المتحدة، ومنذ بدء العدوان على اليمن، لم تظهر أكثر من مراقب غير حيادي للعدوان، إذا لم نقل إنها كانت متواطئة أو مساهمة في هذا العدوان، ولم يكن أحد ينتظر أن تأخذ هذه المؤسسات المنحازة للقوة وللهيمنة الغربية وخاصة الأمريكية والمرتهنة للمال (لاسيما المال السعودي)، أي قرار عادل أو محق أو منطقي أو قانوني، فيما يخص هذا العدوان.
في الواقع، ومع توجه أصابع الاتهام مباشرة إلى السعودية بالوقوف وراء القرار، كونها المستفيد الأول منه، وكونه يشكل مخرجاً لها من الالتزام بأي نتائج جدية أو مهنية لعمل فريق حقوق الإنسان، لم يعد أبناء اليمن ينظرون إلى مسار العدوان على بلادهم إلا من منظار استمرار مسيرة الصمود والدفاع والانتقال إلى الهجوم الاستباقي، وإكمال عملية «التحرير» بالقوة، مع رمي كل ما قيل ويقال عن المفاوضات والتسويات جانباً، لأنها لم تكن يوماً إلا لتقويض حركتهم في الميدان، ولإلغاء نتائج صمودهم وثباتهم في الحرب التي شنّت عليهم منذ ما يقارب السبع سنوات.
إذن، ومع معادلة الميدان هذه، يمضي أبطال الجيش اليمني واللجان الشعبية وأنصار الله جهادهم في مسيرة «التحرير»، من تقدم إلى آخر ومن سيطرة عسكرية وميدانية إلى أخرى، وذلك تحت عنوان رئيسي أصبح يشكل الإنجاز الأهم والذي عليه تتوقف معركة «التحرير» وإنهاء العدوان بالكامل، ألا وهو: «معركة تحرير مأرب».
حول هذا الموضوع الميداني بما يحيط بمعركة مأرب، وما وصلت إليه عملياً، لا بد أولاً من الإشارة إلى أهمية الخطوات التحضيرية التي سبقت الوصول إلى خط المهاجمة النهائي في مديرية الجوبة في محافظة مأرب، والتي تمثلت بـ«تحرير» مديريات الصومعة والزاهر في محافظة البيضاء، والرحبة وحريب في محافظة مأرب، ومناطق بيحان والعين في محافظة شبوة، خاصة من المجموعات الإرهابية التي كانت تشكل عثرة غير بسيطة في المعركة، لما تتمتع به من قدرات ودعم غربي مباشر، يتجاوز دولتي العدوان (السعودية والإمارات).
على الخط النهائي قبل المرحلة الأخيرة من الهجوم و»تحرير» مأرب، يتم العمل الآن على تخطي مديرية الجوبة و»تحريرها» كاملة، لاستكمال عناصر وظروف انطلاق عملية المهاجمة النهائية على المدينة لـ«تحريرها». وحيث تشكل الجوبة نقطة إلزامية وأساسية في المعركة، تنشط طائرات العدوان المسيّرة، القاذفة والمتخصصة بالرصد والمراقبة، لدعم وحدات العدوان والمرتزقة في دفاعها عن الجوبة. وبالمقابل ينشط سلاح الدفاع الجوي اليمني «المناسب» كما يسميه دائماً المتحدث العسكري اليمني العميد سريع، في مواجهة وإسقاط أكثر هذه المسيّرات تطوراً؛ نتكلم عن طائرات (استطلاع - مقاتلة) الصينية الصنع، ومنها طائرة الدرون «سي إتش 4» المتطورة، القادرة على حمل وتوجيه وإطلاق أربعة صواريخ مع حمل ذخائر أخرى بوزن حوالى 400 كجم، وعن طائرات درون الأمريكية الصنع التجسسيّة المختصة بالرصد والمراقبة البعيدة (آر- كيو 20).
صحيح من الناحية العملية، أن ما يجري من تقدم للجيش واللجان في الميدان يعتبر الأهم والأساسي في المعركة حالياً، ولكن يبقى لمضمون ما يجري لناحية إسقاط هذه الطائرات الأمريكية والصينية المتطورة، أكثر من بعد عسكري واستراتيجي، فهذه القدرات الغربية الأكثر تطوراً باتت مُسيطراً عليها، وأصبحت شبه محيدة ولو جزئياً، وهذا يساعد عملياً في المعركة الحالية طبعاً، ولكن لهذا الأمر أهمية مستقبلية حساسة جداً، يمكن تحديدها بالتالي:
هذه القدرة في السيطرة على الأسلحة الغربية المتطورة، تساعد لاحقاً في تقوية قدرات اليمن كدولة، إذ لم تعد تلك الدولة الضعيفة، بل أصبحت الدولة القادرة القوية التي طورت وستطور حتماً في المستقبل أسلحة نوعية بمستوى عالمي.
اليمن فرض نفسه في أصعب حرب ودافع وانتصر، ومن الطبيعي أنه سيفرض نفسه بعد انتهاء هذه الحرب، وبمواجهة اللاعبين الإقليميين الذين كانوا يعتبرون أنفسهم أسياد الإقليم، حيث بات لهم اليوم منافساً قوياً من الند إلى الند، وهذا هو الأمر الحساس بالنسبة إليهم، والذي تخشاه السعودية والإمارات، والذي تتجنب مع الأطراف الغربية، أولاً: الاعتراف به، وثانياً: إهمال تلافيه ومنعه إذا استطاعت.
فالمعركة في اليمن، أو العدوان على اليمن، لم تعد معركة سيطرة في الحديدة أو مأرب أو صنعاء أو الجوف أو البيضاء أو شبوة أو على الحدود في جيزان ونجران وعسير، ولم تعد معركة أسلحة نوعية (صواريخ ومسيرات ودفاع جوي)، بل أصبحت معركة امتلاك اليمن موقعاً إقليمياً قوياً، يفرض نفسه لاعباً بين الكبار، يحمي ويصون حقوقه وسيادته وموقعه، بمواجهة اللاعبين الكبار.
محلل عسكري واستراتيجي لبناني
المصدر شارل أبي نادر
زيارة جميع مقالات: شارل أبي نادر