شارل أبي نادر

شارل أبي نادر / لا ميديا -
يتابع العدو «الإسرائيلي» اعتداءاته على لبنان بمستوى غير بعيد عما كان عليه قبل اتفاق نهاية تشرين الثاني/ نوفمبر 2024. وفيما يستمر ارتقاء الشهداء والمصابين جراء هذه الاعتداءات التي تطال أغلب المناطق اللبنانية، شمال وجنوب الليطاني وصولاً إلى أغلب مناطق البقاع وبشكل يومي، يبقى الفارق الوحيد عما قبل الاتفاق المذكور هو أن حزب الله ملتزم بوقف إطلاق النار، ولم يقم حتى الآن بتنفيذ أي إجراء يمكن أن يُعتبر تجاوزاً للاتفاق.
لناحية العدو «الإسرائيلي»، فهو يدعي أنه يهاجم بنية تحتية عسكرية من جهة، ويدعي أنه يهاجم مسؤولين وكوادر ومقاتلين للحزب من جهة أخرى، متذرعاً بأنه يستهدف مناورة الحزب في إعادة تأهيل قوته وفي استعادة تنظيم وتجهيز قدراته وأسلحته، وكل هذه الاعتداءات تجري تحت أعين اللجنة الخماسية لمراقبة تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار، ودون أن يتم اتخاذ إجراء عملي أو حتى شكلي يرتبط بدور ومهمات هذه اللجنة.
عملياً، حصل الاتفاق على وقف إطلاق النار بين «إسرائيل» وحزب الله خلال فترة المواجهة الشرسة التي كانت قائمة بين الطرفين، وقبل أن ينهزم أي طرف منهما، وفي وقت كانت فيه قدرات حزب الله ما زالت موجودة وبمستوى لا يمكن تحديده بدقة، نسبة لما كانت عليه قبل المواجهة المباشرة بين الطرفين. لا شك أن المقاومة ما زالت تملك مستوى معيناً من القدرات البشرية والتسليحية، مع احتمال قوي بأن تكون هذه القدرات والأسلحة هي من بين الأكثر فاعلية والأكثر تطوراً؛ وذلك كونها لم تُستعمل بكاملها خلال المواجهة وقبل التوصل إلى وقف إطلاق النار. والأهم، يبقى الاحتمال الأكبر أو شبه الأكيد، أن هذه القدرات والأسلحة موجودة شمال الليطاني وصولاً إلى شرق لبنان، لكي تتناسب مسافة أهدافها المرتقبة داخل الكيان مع إمكانياتها في المدى البعيد الذي تتميز به.
من هنا، وأمام هذا المسار المتواصل من الاعتداءات «الإسرائيلية» القاتلة داخل لبنان، والتي يرتقي خلالها عدد كبير من الشهداء والمصابين، بالإضافة للتدمير الممنهج الذي تسببه هذه الاعتداءات، وفي وقت تتفرج فيه اللجنة الخماسية المكلّفة بالإشراف على تطبيق وقف إطلاق النار على هذه الاعتداءات، ودون أن تقاربها أو تتطرق إليها من قريب ولا من بعيد، وفي وقت تعجز فيه السلطة اللبنانية عن اتخاذ أي إجراء (لا دبلوماسي ولا عسكري بطبيعة الحال) يمكن أن يؤمِّن أي مستوى ولو بالحد الأدنى من الحماية لسيادة ولأراضي ولأبناء لبنان، أصبح لا بد من البحث عن خيارات أخرى.
 محلل عسكري واستراتيجي لبناني

أترك تعليقاً

التعليقات