طريق السلام الحقيقي
 

راسل القرشي

راسل القرشي / لا ميديا -
شيء إيجابي أن يبادر النظام السعودي إلى تقديم مبادرة لما سماه "حل الأزمة اليمنية"، ولكن ليس إيجابياً أن يحاول هذا النظام إظهار نفسه وكأنه حمل وديع ومجرد وسيط لجمع الفرقاء اليمنيين ودعوتهم للعودة إلى الحوار!
النظام السعودي أراد من خلال هذه المبادرة الهروب من استحقاقات عدوانه الذي شنه على اليمن واليمنيين طيلة السنوات الست الماضية وما يزال، والهروب من كل الجرائم التي ارتكبها بحق المدنيين وفي مقدمتهم الأطفال والنساء، وكأنه يستخف باليمنيين وبالدماء التي أراقها في كل منطقة ومكان من أرضنا الحبيبة.
يتغابى قادة النظام السعودي وهم يتحدثون بهذا المنطق المكشوف والمفضوح. والغريب أن تهرول أنظمة العالم، وفي مقدمتها روسيا التي كنا نعتقد أن إدارتها السياسية على علم واطلاع بحقيقة ما جرى ويجري منذ ستة أعوام مضت، صوب الترحيب بالمبادرة وتأييدها، بل والذهاب لدعوة الأطراف اليمنية، وخاصة حكومة صنعاء، إلى اغتنامها وإبداء حسن النوايا معها!
نعم، اليمنيون مع السلام ومع أي دعوة صادقة ومسؤولة تهدف إلى إنهاء العدوان وكل الصراعات الدائرة ورفع الحصار دون قيد أو شرط، ثم عقد حوارات جادة بين الفرقاء السياسيين اليمنيين من جهة، وبين اليمنيين وقادة النظام السعودي من جهة أخرى، لكن أن يحاول النظام السعودي الهروب من عدوانه وجرائمه ومن الأسباب الحقيقية التي دفعته لشن هذا العدوان مع بقية حلفائه والأهداف التي يسعى إليها فذلك لا يمكن القبول به إطلاقاً.
المصالحة الوطنية وتحقيق السلام ليس مطلب حزب أو أحزاب بذاتها، بل في اعتقادي يعد مطلب جميع القوى اليمنية المحبة للسلام والحريصة على أمن اليمن واستقراره ووحدة أراضيه، كما يمثل طوق النجاة للخروج من دائرة هذه الحرب وإنهاء العدوان المستمر منذ أكثر من ست سنوات كان فيها الوطن الخاسر الوحيد.
مع كل ما نقوله في هذا الاتجاه، نؤكد أن قرار المصالحة وتحقيق السلام يعد قراراً يمنياً خالصاً، ولا يمكن أن يفرض هذا القرار من الخارج. ومن هنا فإن توافق القوى للجلوس على طاولة الحوار يجب أن تسبقه قناعات ونوايا صادقة تبدأ بوقف الحرب بكل الصدق والمسؤولية، ثم التوجه الفعلي لتحقيق المصالحة التي تقود إلى تحقيق السلام الشامل الذي نرجوه جميعاً بعيداً عن أي تدخل خارجي.
إيقاف العدوان وتحقيق السلام هو مطلب غالبية أبناء الشعب التواقين لإنهاء كل الآلام والأوجاع التي يعيشونها منذ ستة أعوام نتيجة العدوان والحصار الجائر اللذين تسببا باستشهاد عشرات الآلاف من المدنيين وفي مقدمتهم الأطفال والنساء، كما تسبب بموت عشرات الآلاف نتيجة إغلاق مطار صنعاء الدولي ومنع المرضى من السفر إلى خارج الوطن للعلاج، إضافة إلى انعدام الأدوية وانتشار الأوبئة، وأيضاً نتيجة سياسة التجويع التي انتهجها قادة العدوان دون خجل.
النظام السعودي طرف رئيسي في هذا العدوان. هو من شنه وأعلنه من واشنطن دون علم من يسميهم "قادة الشرعية" ورئيسها الذي اعترف هو نفسه بأنه فوجئ ببدء العدوان. فعن أي مبادرات يتحدث قادة هذا النظام دون أن يقر بأنه الطرف الرئيسي؟! وما الشرعية إلا أداة استخدم اسمها للمضي في تدمير اليمن وقتل اليمنيين.
إن كان النظام السعودي يستقوي بماله وبالمصالح المرتبطة به في التغطية على حربه العدوانية الإجرامية فهو واهم، والحقيقة أقوى من أن يغطى عليها بغربال المال النفطي القذر.
العالم كله يعرف، بما فيه الدول التي تحاول ضبط إيقاع موقفها على مصالحها مع هذا النظام، وما تعلنه ليس إلا مجاملة ونفاق لا مفاعيل له أمام صمود الشعب اليمني ومواصلة مواجهته لهذا العدوان إن استمر، وعلى النظام السعودي ومن خلفه الأمريكي والبريطاني، إن كانوا حقاً يريدون السلام، أن يعلنوا بشكل واضح وصريح وقف عدوانهم ورفع حصارهم، وما بعده لن يكون إلا طريق السلام الذي سيفضي إلى حل سياسي عادل وشامل، سيتوقف عليه أمن واستقرار المنطقة.

أترك تعليقاً

التعليقات