راسل القرشي

راسل القرشي / لا ميديا-

امرأة عربية تدعى تهاني ذهبت للدراسة في أحد البلدان الأوروبية.. كانت تمتلك سيارة، وعندما تعود لمنزلها لا تجد مكاناً مسموحاً لإيقاف سيارتها بالقرب من مسكنها..
تضطر لإيقافها في مكان بعيد عن مسكنها، فتعرضت ذات يوم لتحطيم زجاجاتها.. لم تقدم شكوى ولم تثر أية شوشرة كما يعمل الكثيرون في مجتمعاتنا العربية.. سلمت أمرها لله فقط.. ومنذ ذلك الوقت لم تجد من بد لتلافي ما حدث لسيارتها سابقاً إلا الوقوف بجانب مسكنها رغم ما يشكله ذلك من خطأ يحاسب عليه القانون..
الجهات المختصة سجلت عليها مخالفات، وتم استدعاؤها للاستجواب، واعترفت بأنها مخطئة، وتلقت ما حكم عليها بروح مبتسمة..
استمر الحديث بينها وبين القاضي الذي يتولى استجوابها، وشرحت له أنها اختارت أن تدفع ما عليها من مخالفات على أن توقف سيارتها بعيداً.. وبينت للقاضي وهي تبتسم بروح مسؤولة وكلام هادئ، ما تعرضت له..
حينها وبعد أن استمع القاضي لما تعرضت له تهاني، عدَّل حكمه السابق الذي نص على أن تدفع نصف قيمة المخالفات تقديراً لأنها طالبة أولاً ولروحها الجميلة التي عكستها في المحكمة.. عدّل حكمه بإعفائها من الغرامات.. وتوجيه الشكر والتقدير لها..
بعدما شاهدت مقطع الفيديو الذي يتناول هذه القضية، أدركت أن هؤلاء هم من يحترمون الإنسان في بلدانهم.. القانون لديهم هو الأعلى ولا صوت يعلو عليه.. لذا نجحوا وبنوا بلدانهم ورسخوا ثقافة التعايش بين الجميع..
المهم القانون وكفى..
يا حسرة على بلداننا العربية، فأنظمتها تعمل ضد مواطنيها.. ولا صوت يعلو على صوت قادتها..
أين نحن من هؤلاء..؟!
نتحسر على أنفسنا عندما نشاهد مثل هذه المقاطع التي تحاكي العقل.. تحاكي آدمية الإنسان.. وتحاكي واقعنا المريض الموبوء بالصراعات والحروب والأحقاد والكراهية!
هؤلاء هم المسلمون حقاً.. وليس نحن.. هؤلاء هم من يترجمون القيم والمبادئ الدينية التي حثنا عليها الإسلام..
أين نحن منهم..؟!
بالتأكيد نحن في قعر سحيق لم ولن نغادره في ظل هذا الواقع البليد.. الواقع الذي أوجدناه نحن ورضينا أن نبقى فيه صرعى غير مأسوف علينا!
نحن لا نجيد بناء الأوطان وإعلاء راية النظام والقانون.. نحن فقط نجيد صناعة الأصنام وتمجيدها والتصفيق لها في صباحات ومساءات أيامنا..
لا عليكم، استمروا في صناعة أصنامكم وتمجيدها.. وستصلون إلى أبعد من القعر السحيق الذي أنتم فيه..
نعم نحن في الجحيم.. ولا أعتقد أن لدى أحد منكم شكاً في ما أقول..
استمروا في إطلاق ابتساماتكم وتبادلها في ما بينكم.. فشر البلية ما يضحك!

أترك تعليقاً

التعليقات