الرقابة الغائبة!!
 

راسل القرشي

راسل القرشي / لا ميديا -

في الفترة الأخيرة ومنذ بدء اجتياح فيروس كورونا لعدد من بلدان العالم بدأت الحالة الصحية في تلك البلدان تشهد اضطراباً واضحاً، خاصة فيما يتعلق بالمنتجات الطبية اللازمة للوقاية من هذا الفيروس المخيف.
لجأ الكثير من الناس إلى البحث عن الكمامات والمعقمات والمطهرات والقفازات الطبية وأجهزة قياس الحرارة وغيرها من المنتجات الطبية ذات الاحتياج للوقاية من هذا الفيروس المرعب وشرائها بصورة كبيرة، حتى بدت بلدان العالم تفتقد لهذه المنتجات الطبية، ما شكل لديها نقصاً في ظل الطلب المتزايد عليها.
بلدان عدة اجتاحها الفيروس وأصبحت عاجزة تماماً عن توفير هذه المنتجات، رغم أنها من الدول الكبرى المصنعة لها، فتم إمدادها بها من البلدان الأخرى لمواجهة هذا الوباء الذي أصاب مئات الآلاف من سكانها وأودى بحياة عشرات الآلاف.
ونحن في بلادنا ورغم أننا لسنا من منتجي هذه المنتجات إلا أنها كانت تتوفر في السوق المحلية وبكميات تغطي الاحتياج المحلي وبأسعار معقولة. وما إن بدأ هذا الفيروس باجتياح الكثير من البلدان في مختلف قارات العالم لجأت الشركات الطبية المستوردة لهذه المنتجات والصيدليات العاملة في البلد إلى إخفائها والتلاعب بأسعارها وبيعها في السوق السوداء، ليتم المتاجرة بها وبأسعار مرتفعة، حتى وصل سعر الكمامة الطبية الواحدة إلى 300 ريال في حين كان سعرها المحدد 20 ريالاً. وكل ذلك يحدث في ظل سلطة الدولة وأجهزتها الرقابية على اختلاف مسمياتها!!
لم يتم الاكتفاء بإخفائها والتلاعب بأسعارها، بل ذهب البعض من ذوي النفوس المريضة إلى تهريبها خارج البلد، وقد تم ضبط عددٍ من حالات التهريب لها.
بلادنا التي تشهد عدواناً ظالماً وحصاراً جائراً منذ خمسة أعوام افتقدت معها المستشفيات والمراكز الصحية الكثير من المنتجات الطبية، نرى البعض من أبنائها يلجأ إلى هذه الممارسات المعيبة من جهة والبعيدة عن الروح الوطنية وعن المسؤولية التي تحتم علينا تظافر كل الجهود لمواجهة العدوان وحصاره والعمل معاً لمواجهة أي طارئ صحي قد يحدث كما هو حاصل الآن نتيجة هذا الفيروس المخيف الذي لم يترك بلداً في العالم إلا ووصل إليه. ونحمد الله أنه لم يصل إلينا بعد رغم اجتياحه لكل بلدان الجوار.
بلادنا من الدول الفقيرة، وشهدت تدميراً ممنهجاً من دول تحالف العدوان لاقتصادها الوطني ولمختلف مؤسساتها وبنيتها التحتية. ومع هذا التدمير نرى البعض من مرضى النفوس يلجؤون إلى هذه الممارسات التي ينبغي محاسبتهم عليها. ولكن ما عسانا أن نقول في ظل هذا الغياب غير المبرر للأجهزة الرقابية في الجانب الصحي والخدماتي كافة، والذي شجع على هذه المتاجرة والممارسات اللاقانونية؟!
أقولها بكل الصدق والمسؤولية: إن سلطة الدولة وأجهزتها الرقابية المختلفة تتحمل كامل المسؤولية عن هذا الإخفاء والتلاعب بأسعار هذه المنتجات الطبية التي تشكل ضرورة كبرى وخاصة في هذه المرحلة الصعبة على المستوى الوطني والعالمي على حد سواء.
والمؤسف أيضاً أن يلجأ مستوردو وتجار المواد الغذائية إلى رفع أسعارها وبشكل جنوني لا طاقة للمواطن -الذي يشكو من قلة إمكاناته المعيشية نتيجة العدوان والحصار- وعدم صرف المرتبات بها..!!
صحيح أن بلدان العالم وخاصة المنتجة للمواد الغذائية أغلقت حدودها جراء هذا الاجتياح المرعب للفيروس التاجي، إلا أنها لم توقف صادراتها من هذه المنتجات لمختلف بلدان العالم، وخاصة الآتية من الصين التي استطاعت كبح جماح هذا الفيروس وإعادة خطوط إنتاجها لكافة المواد المصنعة واستئناف تصديرها إلى مختلف بلدان العالم. فما الذي دفع مستوردي وتجار المواد الغذائية إلى رفع الأسعار؟! وهل كان هؤلاء سيلجؤون إلى هذه الممارسات غير القانونية إن كانت سلطة الدولة وأجهزتها الرقابية تمارس أعمالها ومهامها بكل الصدق والمسؤولية؟!!
نضع هذه التساؤلات أمام الحكومة وأجهزتها الرقابية على أمل أن توضح لنا أسباب ومبررات غيابها عن الواقع المعيش وشرح ما يحدث بمصداقية كاملة.

أترك تعليقاً

التعليقات