استثمار روسي في «بقيق»
 

راسل القرشي

راسل القرشي / لا ميديا -

أكدت العمليات العسكرية النوعية التي نفذها سلاح الجو المسير على شركة أرامكو في منطقة "بقيق" السعودية، أن العالم وبخاصة الدول المصدرة للسلاح، لا تريد توقف أو إنهاء الحرب العدوانية على اليمن واليمنيين ورفع الحصار وجلوس الأطراف اليمنية على طاولة الحوار لحل مشاكلهم واختلافاتهم في ما بينهم وبعيداً عن أي تدخل خارجي.
الأطراف الدولية وفي مقدمتها الولايات المتحدة وبريطانيا وروسيا سارعت إلى إدانة ما تعرضت له "أرامكو" السعودية، وذهبت صوب الترويج للاتهامات وعرض خدماتها "مدفوعة الأجر" لحماية النظام السعودي.. وهو العرض الذي دائماً ما يصرّح به الرئيس الأمريكي دونالد ترامب المستفيد الأول من استمرار الحرب العدوانية على اليمن.
وبريطانيا بدورها أعلنت استمرار مبيعات أسلحتها للنظام السعودي لحماية منشآته من أي اعتداءات قد تتعرض لها، في الوقت الذي مازالت تتعرض فيه الحكومة البريطانية لانتقادات واسعة جراء استمرار تصدير السلاح البريطاني للنظام السعودي واستخدامه في قتل المدنيين وتدمير البنية الخدماتية التحتية.
روسيا التي كانت دائماً تطالب بوقف الحرب العدوانية على اليمن وتطالب الأطراف اليمنية بالعودة إلى طاولة المفاوضات والعمل على تحقيق السلام، ظهر رئيسها فلاديمير بوتين معلقا على استهداف "أرامكو" مستشهداً بآية من القرآن الكريم: "وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ".
استشهاد الرئيس الروسي بهذه الآية القرآنية جاء رداً منه على سؤال حول الطريقة التي يمكن لروسيا أن تساعد بها السعودية بعد الهجمات التي تعرضت لها شركة "أرامكو"..!
بوتين قال في سياق رده أيضاً كما جاء في "روسيا اليوم": "على السعودية إذا أرادت الدفاع عن نفسها أن تحذو حذو إيران التي اقتنت من روسيا صواريخ إس 300، وحذو تركيا التي اشترت منا إس 400، فهذه الصواريخ وسيلة ناجعة لتأمين وحماية أية بنى تحتية من أي اعتداء وهجوم جوي".
هكذا جاءت ردود الأفعال لأكبر الدول العالمية المصدرة للسلاح والمهيمنة على القرار الدولي.. وليس غريباً عليهم ذلك فهذه الدول ومنذ قرابة 5 سنوات وهي تشاهد مختلف الجرائم التي يرتكبها النظام السعودي وحلفاؤه بحق المدنيين اليمنيين وتدميرهم للبنية الخدمية الأساسية سواء بأسلحتها أو عبر استخدام التجويع سلاحاً لقتل مئات الآلاف.. يشاهدون ذلك ولم نسمع منهم كلمة حق تدين تلك الجرائم وتطالب برفع الحصار.. وإن صرّح بعض مسؤولي تلك الدول نراها تصريحات سطحية وظاهرة صوتية ليس أكثر...!
هذه الدول الكبرى تبحث عن أسواق مفتوحة لبيع أسلحتها، ووجدت في السوق السعودية المكان المناسب لبيعها واستخدامها على الأرض اليمنية وفوق رؤوس اليمنيين.. ومن ثم التباهي في ما بينهم بقوة وفاعلية أسلحة كل دولة على حدة.
هذه هي الحقيقة، وكل ما يصدر عنهم من مواقف وتصريحات حول مطالبتهم بإيقاف الحرب العدوانية ليس سوى ظاهرة صوتية ولا يعكس حقيقتها مطلقاً.
هذه الأقوال والأفعال المختلفة والمتناقضة في ما بينهم تكشف عن غياب الجدية لديهم في ما يخص العدوان والحرب في اليمن والحالة الإنسانية الكارثية التي يعيشها اليمنيون نتيجة الحرب العدوانية المستمرة منذ 5 أعوام والحصار الجائر المفروض.
نعم، هناك عدم جدية أو سعي حقيقي لترجمة أقوالهم إلى أفعال، ونقصد هنا ترجمة أقوالهم التي نسمعها ونقرأها عبر تصريحات رؤسائهم ومسؤوليهم سواء في الأمم المتحدة أو لوسائل الإعلام المختلفة.
منظمات دولية تنتقد استمرار تصدير وبيع الأسلحة للنظام السعودي، وفي المقابل نجد رؤساء دول يطالبون هذا النظام باقتناء أسلحتهم، ويحثونهم على حماية أنفسهم من أي اعتداء يتعرضون له، وآخرهم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين!

أترك تعليقاً

التعليقات