منطق فرعون..!
 

راسل القرشي

بعد ساعات قليلة من قرار الأمين العام للأمم المتحدة بإعادة التحالف بقيادة السعودية إلى اللائحة السوداء أو قائمة العار، وجّه النظام السعودي وسائله الإعلامية على اختلافها وتنوعها للإساءة للأمم المتحدة وأمينها العام، واتهامه بالتقارب لصف من يسمونهم (الانقلابيين)، وتوظيف الأمم المتحدة لصالحهم.. 
ردة فعل غاضبة أنهت فرحة النظام السعودي ووسائل إعلامه..؛ التي عكسوها على نطاق واسع وكبير بعد انصياع مجلس حقوق الإنسان الأممي في جنيف لمطالبه بعدم تشكيل لجنة تحقيق دولية محايدة ومستقلة، والاكتفاء بإرسال خبراء قانونيين دوليين لتقصي الحقائق حول انتهاكات حقوق الإنسان في اليمن، ودعم ما تسمى اللجنة الوطنية للتحقيق في الانتهاكات التي وجه بتشكيلها قادة النظام السعودي، وأصدر الفار هادي قراراً بها..! 
جنون وهستيريا أصابت النظام السعودي لم يجد معها ما يفعل غير شن حملة إعلامية عدائية ضد غوتيريس ومسؤولي الأمم المتحدة، وخاصة العاملين في اليمن، وفي مقدمتهم الممثل المقيم للأمم المتحدة ومنسق الشؤون الإنسانية جيمي ماكغولدريك، وإظهاره كأنه موظف لدى (الانقلابيين) وأداة يحركونها ويوجهونها كيفما شاؤوا ومتى ما أرادوا..!
حملة عدائية مسعورة اتهمت الأمم المتحدة بالتضليل، وذهبت تعدد مساوئها وتتهمها بإشعال الحروب وتغذيتها بقراراتها الكاذبة وإجراءاتها الهادفة إلى إطالة أمد الصراعات والفوضى، ليس في اليمن فحسب، وإنما في سوريا وليبيا والعراق، وفي المنطقة عموماً.. وكل ذلك لأن الأمم المتحدة التي ظلوا يتباهون بمواقفها من العدوان في اليمن، ويمدحون إجراءاتها صباح مساء، اتهمتها بقتل الأطفال وانتهاك حقوقهم، وأدرجتها في قائمة العار..! 
تخيلوا أن كل هذا البكاء والنواح والعويل للنظام السعودي الإجرامي وإعلامه المضلل عديم الحياء، سببه إدراجه وحلفائه بقائمة العار.. وكأنهم لم يقصفوا المدنيين، ولم يستهدفوا الأطفال والنساء، ولم ينتهكوا القانون الإنساني الدولي والقانون الدولي لحقوق الإنسان، وإنما كانوا يرمون إليهم بالزهور والورود وحبات الشوكولاتة، ويبعثون في قلوبهم الحياة..! 
النظام السعودي وحلفاؤه ومرتزقته ووسائل إعلامهم المسمومة يصرون ليس على تجهيل وتضليل اليمنيين والشعوب العربية فحسب، وإنما أيضاً تجهيل العالم برمته..؛ ويريدون من العالم تصديق ما يقولونه ويروجون له دون نقاش..!
منطقهم هو نفس منطق فرعون تجاه قومه (ما أريكم إلا ما أرى وما أهديكم إلا سبيل الرشاد)! 
يعتقدون أن أساليب الفهلوة وأفعال المكر والخداع والكذب التي يكشفون عنها في أفعالهم وأقوالهم وفي خطابهم الدعائي التضليلي الكاذب، ستكفل إخراج التحالف بقيادة السعودية من قائمة العار والإفلات مرة أخرى؛ كما نجحوا العام الماضي.. 
حتى وإن نجحوا للمرة الثانية في مساعيهم، فلن يكون ذلك إلا بفضيحة ستدون في أنصع صفحات التاريخ كما حدث مع الأمين العام السابق بان كي مون، الذي كشف حينها عن حجم التهديدات والضغوط التي تعرض لها..؛ وأظهر الأمم المتحدة كأنها أداة من أدوات القمع والإجرام التي تستخدمها أنظمة الهيمنة لتمرير سياساتها وتوجهاتها الاستكبارية ضد البلدان والشعوب الضعيفة والفقيرة..! 
ووسط هذا البكاء والصخب الإعلامي والسياسي السعودي، هل تنجح الآلة الإعلامية والسياسية التجهيلية للعدوان من الإفلات من قائمة العار المشينة مرة أخرى، وتدفع الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس للرضوخ والاعتراف بخطأ هذا الفعل الذي أقدم عليه؛ ويتكرر نفس المشهد البائس واللاأخلاقي الذي حدث مع بان كي مون..؟! 
كل شيء جائز ومحتمل في هذا الزمن الذي ضاعت فيه القيم والأخلاق، وتحول الكاذب إلى صادق، والجلاد إلى ضحية..!

أترك تعليقاً

التعليقات