انفجارات عدن والأسطوانة المشروخة!
 

راسل القرشي

راسل القرشي / لا ميديا - 

جاءت انفجارات مطار عدن، التي وقعت ظهر الأربعاء الماضي لحظة وصول ما تسمى "الحكومة اليمنية الجديدة"، لتخلط أوراق المشمولين باتفاق الرياض، وليذهب كل طرف منهما إلى اتهام الآخر بهذا الهجوم الهادف إلى الهروب من تحمل المسؤولية الكبرى في حماية الأراضي اليمنية من قوى الاحتلال، وأيضاً الهروب -كما يقولون- من تنفيذ الشق الأمني والعسكري لاتفاق الرياض، لاسيما وأن هذا الشق لم ينفذ حتى الآن.
وفي هذا الصدد تثار الكثير من التساؤلات حول هذا الهجوم، ومنها وبشكل أهم: من هو المستفيد من ورائه؟!
بعض المحللين وكتاب الدفع المسبق ذهبوا صوب اتهام "حكومة صنعاء" بتنفيذ هذا الهجوم، وهذه الاتهامات لا تستند إلى أي دليل، وإنما الهروب من تحمل أطراف الصراع المشمولين فيما تسمى "الشرعية" مسؤولية هذا التفجير!
إن اتهام "حكومة صنعاء" بهذا الهجوم ليس سوى أسطوانة مشروخة الهدف منه تبرئة الأطراف الرئيسية التي تقف وراءه، أكانت الإمارات وأتباعها في "المجلس الانتقالي" أم ربما ما تسمى الحكومة التي لا يمكن تبرئتها، كون هناك أطراف رئيسية فيها لا ترحب بالعودة إلى عدن، هروباً من تحمل مسؤولية إدارة الدولة، وخاصة في ظل الكثير من التحديات التي تقف أمامها، ومنها سيطرة مليشيات "الانتقالي" وعدم تنفيذ الشق الأمني والعسكري حتى الآن واحتلال الأراضي اليمنية، لاسيما المواقع الاستراتيجية، وفي مقدمتها سقطرى وميون، إضافة إلى أن هناك أطرافاً أخرى تم استبعادها من الحكومة وكانت لها مواقف متشددة ضد اتفاق الرياض ورافضة أن يكون "المجلس الانتقالي" طرفاً فيها، وكثيراً ما صرحت أن العمل العسكري هو الحل الوحيد لدخول عدن وإعادة الحكومة إليها.
ولا ننسى هنا الاتهامات التي وجهها -قبل أشهر قليلة- صالح الجبواني لرئيس ما تسمى "حكومة الشرعية" المرتزق معين عبدالملك، والتي كشفت عن حجم الصراع القائم بين أطراف هذه "الشرعية"، وأكدت الخيانات المعتملة في إطارها وكيف يذهب كل طرف لاتهام الآخر بالعمل لصالح طرف من أطراف تحالف العدوان!
وإضافة إلى تصريحات الجبواني لا ننسى أيضاً تصريحات شلال شائع التي هدد فيها النظام السعودي في حال عدم عودته إلى عدن وتسلمه مسؤولية إدارة الأمن فيها.
من نفذ هذه العملية كان هدفه الرئيس خلط الأرواق واستمرار الفوضى التي تعيشها عدن والمحافظات الجنوبية. وكل أطراف ما تسمى الشرعية، التي انضم إليها مؤخراً "المجلس الانتقالي" وفقاً لاتفاق الرياض ومن تم استبعادهم، هم جميعهم المتهمون الرئيسيون ومن يتحملون مسؤولية هذا الهجوم.
نعم لا يمكن استبعاد أن ما جرى يندرج في إطار تصفية حسابات جراء الصراع الدائر بين أدوات العدوان، وهذه هي الحقيقة التي حرصت كل الأطراف على تغطيتها والذهاب صوب اتهام "حكومة صنعاء" كشماعة يعلقون عليها كل الجرائم والصراعات التي تندلع فيما بينهم.
اتهام "حكومة صنعاء" ليس بالأمر الجديد أو غير المتوقع، فذلك ديدنهم منذ فترات سابقة، وقد سمعنا كثيراً الترويج لتلك الاتهامات المثيرة للسخرية!
إن ما حدث من تفجيرات في مطار عدن تقف وراءه قيادات العدوان، ولكن ما عسانا أن نقول لمن غرتهم أهدافهم التفتيتية لليمن الواحد الكبير في الوصول لهذه الحالة البائسة التي وضعوا أنفسهم فيها دون أسف؟!
لن يهدأ الصراع بين تلك الأطراف، فكل منها له أجندته وأهدافه الخاصة. وفي مقابل تلك الأجندة هناك أجندة أكبر يعمل النظامان السعودي والإماراتي على تحقيقها تنفيذاً للأجندة الأمريكية البريطانية، والتي تقف أساساً وراء العدوان القائم منذ مارس 2015.
ويقيناً يبقى الحديث عن "اتفاق الرياض" كأداة من الأدوات التي وجدت قيادتا العدوان فيه الوسيلة المثلى لخلق الصراعات بين اليمنيين وبما يقودهما إلى تمزيق اليمن وتحويلها إلى كنتونات صغيرة متصارعة والذهاب صوب الاستيلاء على المواقع الاستراتيجية في البحرين العربي والأحمر!

أترك تعليقاً

التعليقات