تقليد أعمى
 

أحلام عبدالكافي

لاشك أنّ دور الإعلام كبير في التأثير على وجهات النظر، وفي صناعة الرأي العام في جميع المجالات وعلى كافة الأصعدة، وقد أدرك أعداء الأمة دوره الفعال، فعمدوا إلى استغلاله وتوظيفه بالشكل الذي يخدمهم ويخدم أهدافهم.
كان لابد لأعداء الأمة من التنبّه للدور الكبير الذي تحتلُّه المرأة في المجتمعات العربية والإسلامية، وما لها من دور قوي في بناء الأمة والنهوض بها، أو العكس، فكانت المرأة بذلك مستهدفة في هويتها وفي دينها وفي أخلاقها، وقد جعلها أعداء الأمة ضمن مخططاتهم التدميرية التي تُحاك ليل نهار، والتي يبذلون الوقت والمال في تنفيذها لضرب الأمة بعقر دارها.
لقد استطاع العدو اختراق وعي المرأة وتفكيرها وطريقة توجهها، فاستخدموا جميع الأساليب التي وجدوا منفذاً من خلالها إلى المرأة المسلمة في أغلب المجتمعات العربية، فنجد للأسف أن أغلب نسائنا وبناتنا قد تأثرنَ بشكل ملحوظ بكل تلك المؤثرات المُحاكة ضدها في طريقة لبسها وفي نمط حياتها وحتى في طريقة منطقها.
فقد كان الإعلام هو إحدى الوسائل القوية التي حققت نتائج سريعة وقوية في تغيير توجهات المرأة، ولعل بث الأفكار والثقافة الغربية من خلالها كان ناجحاً، فطرأت تغيُّرات كبيرة في تشكيل هوية المجتمع العربي، وأصبحت أشبه ما تكون غربية وذات صبغة غريبة تَبعد كل البعد عن هويتنا الإسلامية الراقية. 
إنه لشيء محزن للغاية عندما ترى المرأة المسلمة اليوم تحاول الركض وراء التقليد الأعمى، وتنبهر بنساءٍ يصنعهن الإعلام الهدّام، ويعمد إلى تصويرهنّ بشكل منزّه عن النقائص وعن العيوب بكمية تلك الأموال الطائلة التي تُنفَقُ على لبسهنّ وعلى منظرهنّ، وظهورهنّ بذلك الشكل غير اللائق الذي يسعى من خلاله العدو إلى جذب أكبر شريحة ممكنة من النساء المخدوعات، واللاتي جعلن من الممثلة أو تلك المذيعة المتبرجة قدوةً لهن وخير من يقتدين بها في طريقة اللبس وبعض الحركات، وربما وصلن إلى تقليدها حتى بالشكل من خلال تغيير ملامح الوجه والجسد للأسف الشديد.
نعم، أصبح واقع المرأة العربية والمسلمة بشكلٍ عام، واقعاً يتطلب منّا جميعاً المراجعة وإصلاح المسار، وأن تستغيث نساؤنا وبناتنا اليوم بكل امرأة عربية أصيلة تحمل في ضلوعها حب الفضيلة والأخلاق الحميدة، فما أحوجنا جميعاً للرجوع إلى ثقافة قرآننا العظيمة التي جعلت المرأة جوهرةً مكنونة، وحافظت عليها من خلال ضوابط وواجبات وحقوق ربّانية حكيمة عادلة.
ما أحوج مجتمعاتنا للتعرّف على سيدات أهل البيت، النساء العظيمات اللواتي تحمّلن مسؤولية أُمّةٍ مؤمنة، وحملنَ على عواتقهنّ أعظم رسالة قوية. 
كان ذلك من واقع ارتباطهنّ بالله القوي، ونابعاً من استشعارهنّ حقيقة المسؤولية العظيمة التي يُفترض أن تحملها كل أنثى على عاتقها. نحن بحاجة ماسّةٍ للرجوع لسيرة النساء الماجدات، وخلع ملامح الثقافة الغربية المقيتة، وتلك المناداة الرّنّانة التي تدعو إلى حرية المرأة، وهي في حقيقة الأمر ما ازدادت بها المرأة إلا تراجعاً وانهياراً، فالله الله في بناتنا ونسائنا اللواتي يقعنَ اليوم في شراك أعداء الأمة وأرباب الفسق والتضليل.

أترك تعليقاً

التعليقات