أوجاع مدينة
 

أحلام عبدالكافي

حرض أطلال مدينةٍ بدت كأنها متشحةٌ بثوب الحزن، وأوجاعها المريرة تئن بصوت الشجن، كل ركن فيها شاهد على مناظر مروعة يتعمد إخفاءها أشباه بشر يحاربون الحياة، لكن جرائمهم باتت بشاعتها وقبح انتهاكاتها وصمة عار في جبين أدعياء الحياة حين يعمدون لإبادة الوجود والجمال.
حرض مأساةٌ حقيقية تشكو من طائرات أمعنت في تدميرها حتى جعلتها أشبه بمدينة أشباح بذلك القصف الذي يقاس فيه عدد الغارات الوحشية بالدقيقة.. هستيريا العدوان جعلت من تلك المدينة الشهيرة التي كانت تزهو بالحياة والرخاء، فاجعة تحكي عن خراب ودماء وجرح عميق.
حرض لطالما تغنى بها الجميع على أنها مدينة تتباهى بمبانيها الزاخرة وعمرانها المشيّد، فقد كانت بحق بوابة اليمن ووجهه المشرق، بل كانت تلقب بالمدينة التي (لا تنام)، فهي مدينة الخير والرزق الوفير لما تتمتع به من حركة تجارية واسعة، حيث كانت تشهد نشاطاً مزدهراً بالعطاء، كيف لا وهي من كانت ترفد خزينة الدولة بملايين الدولارات.
أكثر من 15 ألف أسرة نازحة قادمة من حرض إلى مدينة عبس ومدينة حجة ومدينة الزهرة التابعة إدارياً لمحافظة الحديدة، أضحت أغلبها في العراء تحت وطأة البرد والحر والجوع والضياع، بسبب همجية عدوان جبان.
بين حرض ومأساة اليمن تتكشف أصوات كل الناعقين باسم الإنسانية، لترتدّ أصواتهم عليهم (ألا لعنة الله على القوم الكاذبين)، حين خرست أصواتهم ليعلو صوت أنين المظلوم بفعل سياط الجلاد.
هي الحقيقة التي تُكشف بها مواقف المخادعين والمحتلين والقتلة والمجرمين باسم الشرعية، لتجلجل الأصداء آهات وأنّات المكلومين وصراخ الثكالى لتملأ هذا الكون نحيباً يحاسب عالماً يدعي الإنسانية.
إنه الوطن الذي يفضح كل المدّعين باسمه، الراقصين على أطلاله، (البكائين) على هشيمٍ تذروه الرياح، من يتقربون بقبح صنيعهم لمولاهم علّه يهزّ صندوق دراهمه وينثرها عليهم عرفاناً بعظيم انتهاكهم.. فيا لبؤس كل أولئك المنخدعين بوزر أعمالهم، المنحطين بجرم فعالهم، المنحنين تحت براثن أصنامهم.. ألا ساء ما يزرون.. ولا نامت أعين الجبناء.

أترك تعليقاً

التعليقات