لقد قتلوا ابنتي
 

أحلام عبدالكافي

هكذا بدأ حديث أم الشهيدة تقية محمد ناصر جار الله.. بل كانت لا تفتأ تذكر مناقب ابنتها ومواقفها وكلماتها، ودموعها تنهمر بكل وجع وغصة.. نعم فمرارة الحرمان والفراق وضيم العدوان وجبروته المنحط قد خيم على قلب هذه الأم المكلومة وهي تحتضن أولاد ابنتها الذين أصبحوا بلا أم...
أم لثلاثة أبناء (ليان ومعتز وعز الدين) كانت تعمل في مصنع العاقل بصنعاء الواقع في حي النهضة (معسكر الصيانة)، استشهدت أثناء هروبها من القصف المتوالي على المصنع، فكان صاروخ العدوان الوحشي أسرع لاختطاف روحها البريئة، تاركة وراءها أطفالاً ثلاثة وأماً ثكلى كانت ترعاها وزوجاً حزيناً كانت له السند والعون في هذه الحياة... 
أما معتز الابن الأصغر للشهيدة فقد عاهد (ماما) أن يزور قبرها يومياً، فأثناء ذهابه للمدرسة يأخذ معه قارورة ماء، ويزور مقبرة (الطوقي)، ويسقي قبر أمه، ويتجاذب معها الحديث، ويشكو لها لوعة الفراق، ويعاهدها أنه لن ينساها، ولن ينسى أن العدو السعودي الوحشي هو الذي قتلها.. ويقسم في كل زيارة بأنه سيقتص لها.
كانت هذه أحد النماذج الإنسانية في اليمن، كان لنا لقاء معها في الذكرى السنوية للشهيد.. وهي واحد من النماذج المؤلمة لحكاية شعبٍ بأكمله، ففي كل بيت حزن وألم سببه العدوان بشكل مباشر أو غير مباشر..
ستظل مآسينا وآلامنا حرقة ووصمة عار تحاسب عالماً يدعي الإنسانية. سيظل اليمني يحتقر كل من تواطأ لقتله، وكل من شارك بصمته لتأجيج أوجاع وطن بأكمله.. 
لن ننسى نحيب الأمهات على فراق فلذات أكبادهن.. ولن ننسى صراخ أطفالنا الذين أخرستهم أصوات تحليق وقصف طائرات الموت والدمار.. ولن ننسى قبح هذا العالم المنافق.

أترك تعليقاً

التعليقات