هنا تتجسد البطولات
 

أحلام عبدالكافي

يا رفيقي.. يا صديقي..
لم تهزني رصاصاتهم المتهاوية كمدًا وضعفاً، ولم ترعبني طريقٌ محفوفةٌ بمخاطر الأقزام، ولم يعنني تربص من قُذف في قلوبهم صنوف الذلة، حين أرعبتهم قوة خطواتي الواثقة بالله، وأفزعهم جسدك الجريح المحمول فوق جسدي المنهك يا رفيقي.. فكان دربي مليئاً بالرحمات، تحفهُ التأييدات وسبل النجاة.. وكان ذلك العدو المتهالك غيظاً قد تهاوى بهزيمةٍ نفسيةٍ روحيةٍ أصابته بمقتل..
ذلك أن قيم هذا العالم المندثرة تحت ركام الفناء والجريمة، بفعل هيمنة دول الاستكبار المنتقمة من الإنسان والأرض والحياة، قد تجلت على سطح هذا الكوكب مجدداً، الذي قد مُلئ رعباً ومكراً وقبحاً، فما كان من اليمني الذي قتله نصف عالم، وتواطأ بكل وحشية ضده النصف الآخر، إلا أن ترجل عن صهوة جواده الأصيل، وأطلق العنان ومضى حافي القدمين في سباقٍ مصيري.. فكان الفوز حليفه حين كان يحمل بكل إصرار بين جنباته آلام وطن مكلوم، فحق له أن ينتصر، وأن يصل إلى بر الأمان.
عندما تتهيب الكلمات الوصف، وتقف العبارات خجلى، فحتماً أن المجاهد اليماني قد تبدّى بعظمة مقامه المهيب الذي ألجم الأفواه رهبة وانبهاراً، فكان حديث القلوب وانهمار دموع المترقبين هو سيد موقف كل من رأى شامخ الرأس واثق الخطوات يمضي بهيبة وجلال في درب رسمه أمام عينيه حين تناسى أن رصاصات الموت تنهال عليه، وترصد المجرمين يتعقبه، فكان طريقه معبداً بالوفاء، وسالكاً بالعطاء، وكان الإخلاص لرفيقه الجريح هو إخلاصه لوطنه ولقضيته.
لم يكن ذلك المشهد الملائكي الأوصاف الذي بدا عليه المجاهد اليمني، ضرباً من الخيال، بل إنه سلوك ومنهج ترجمته عدسة كاميرا صادف أن التقطت واحدة من بين عشرات الصور الفدائية والبطولية التي يرسمها المارد اليمني بعشقه لوطنه، ويخط كل تفاصيلها بدمه كل يوم وكل لحظة. 
هنا تتجسد البطولات، وتختزل الملاحم في مشهدٍ واحدٍ تحدث باسم شعب ودولة بأكملها. فتوقفوا عن ضخ ترهاتكم المعسولة لوصف قبح منطقكم ودناءة مغزاكم بعد بروز ذلك اليماني الذي أخرسكم وأرداكم إلى مستنقع الكذب المبين المتراكم بفعل إجرامكم وقساوة وانحطاط أهدافكم..

أترك تعليقاً

التعليقات