مروان ناصح

مروان ناصح / لا ميديا -
خيـارات محـدودة، وأحـلام واسعـة: رحلة الاختيار الجامعي
بين يدي الشاب شهادة البكالوريا، كأنها مفتاح فضي يلمع في الضوء الأول لصباح حياته، يفتح أمامه أبوابًا لعالم الشباب الواسع، لكنه يكتشف سريعًا أن بعض هذه الأبواب موصدة بمرونة القدر، وأن الرياح لا تهب دائمًا في اتجاه الرغبات. وحلمه يتلألأ كنجمة بعيدة.
قيود العلامات يقابله واقع محدود يهمس له: "اختر بعين العقل، لا بعين القلب وحدها".
هنا تبدأ رحلة الاختيار، حيث تتشابك الأحلام مع قيود العلامات، وتتقاطع الرغبة مع الواقع، حرمانه من بعض التخصصات يقرع قلبه كجرس بعيد، لكنه يعلّمه فن المرونة، ويكشف له أن الحكمة تكمن في تحويل القيود إلى مساحات ممكنة من الإبداع والطموح.

الأصوات من الخارج
العائلة، الأصدقاء، المعلمون، كل واحد منهم يحمل توقعاته كنسيم يداعب أو يزعزع.
كل نصيحة تضيف وزنًا، وكل رأي يزرع بذور شك، لكنه يكتشف أن الاختيار مسؤولية شخصية قبل أن يكون اجتماعية.
هنا يتضح له أن الاستماع للآخرين لا يعني الانصياع لهم، وأن الصوت الداخلي هو البوصلة التي لا تخطئ أبدًا.

تجربة الاستقلالية الأولى
تعبئة الاستمارات، مقابلات القبول، كلها خطوات صغيرة لكنها ثقيلة على قلب الشاب لأول مرة. وكأن الريشة تحاول حمل حجر، لكنه يكتشف متعة الاعتماد على نفسه، وكيف يصبح كل قرار مبنيًا على وعي كامل.
هنا يولد الشاب الجديد، ويخطو بثقة نحو أرض الأحلام.

مواجهة الفشل المحتمل
الطريق لا يخلو من أخطار: رفض القبول، نتائج أقل من المتوقع، شعور بالضياع. لكن كل تجربة فشل تتحول إلى مرآة، تظهر له صبره، إرادته، وقوة خطاه.
يدرك أن كل سقوط صغير هو درس، وكل تجربة مخيبة حجر لبناء شخصية قادرة على مواجهة الحياة الواقعية، واكتشاف أن النجوم لا تُرى إلا في ليل مظلم أحيانًا.

الدعم النفسي والمعنوي
في هذه المرحلة، يكتشف الشاب قيمة من يساندونه حقًا: صديق يشاركك خوفك، أحد الوالدين يهمس بتشجيع، معلم يوجهك بنصيحة صادقة.
كل كلمة، كل ابتسامة، تصبح دعامة تساعده على الثبات، وتخفف من ثقل الاختيار.
الدعم هنا ليس مجرد كلام، بل شعور بالوجود المشترك في رحلة القرار، وأنه ليس وحيدًا على هذه السفينة الهشة.

أفق جديد بعد القرار
ظهور النتائج، يشعر قلبه بالخفة، وكأن جناحين قد نميا له.
حتى لو لم يكن الطريق الأمثل الذي حلم به، يبدأ التكيف مع التخصص الجديد، يكتشف مفاجآت لم يتصورها، ويستوعب أن الحياة دائمًا تمنحه مسارات بديلة.
الرحلة الحقيقية تبدأ عندما يوجه خطواته بثقة، مدركًا قدرته على التأقلم والنمو مهما كانت الظروف.

خاتمة
تجربة الاختيار الجامعي تحت قيود العلامات ليست مجرد اختبار أكاديمي، بل لوحة حياة مرسومة بخطوط النضج، المسؤولية، والمرونة. هي لحظة إدراك أن القيود قد تكون بوابات مخفية للفرص، وأن الموازنة بين الرغبات والواقع هي أول خطوة نحو بناء الذات.
كل خيار صغير أو كبير يصبح حجرًا في صرح الشخصية، وفصلًا جديدًا في كتاب الحياة، حيث الحرية لا تتحقق إلا مع المسؤولية، والحلم لا يزدهر إلا بصبر واعٍ وإرادة حقيقية.

أترك تعليقاً

التعليقات