«الزمن الجميل».. هـــل كـــان جميـــلاً حقــاً؟! الحلقة 15
- مروان ناصح الأربعاء , 10 سـبـتـمـبـر , 2025 الساعة 1:08:05 AM
- 0 تعليقات
مروان نــاصح / لا ميديا -
التلفزيون.. ثورة في البيت والذاكرة والذوق
في العقد السادس من القرن العشرين، دخل التلفزيون بيوتنا كصديق جديد، حاملاً صورة متحركة وحكايات تُعرض مباشرة على الشاشة الصغيرة، مغيّراً جذرياً شكل التواصل الثقافي والاجتماعي.
ميلاد التلفزيون في العالم العربي
بدأت التجارب الأولى للتلفزيون في العالم العربي في الخمسينيات، لكن الانتشار الحقيقي كان في الستينيات، مع تأسيس محطات في العراق، مصر، سورية، لبنان... وغيرها.
كان التلفزيون في البداية حدثاً استثنائياً، يزيد على الحضور الاجتماعي، يجمع العائلة أمام الجهاز، ويفتح نافذة على العالم كانت سابقاً بعيدة أو مجهولة.
التلفزيون منبر ومرآة
التلفزيون لم يكن وسيلة ترفيه فحسب، بل صار منبراً سياسياً واجتماعياً وثقافياً، يعكس ويؤثر في الرأي العام، ويقدم صورة للهوية الوطنية.
برامج التعليم، المسلسلات، الأخبار، وحتى الإعلانات، كلها ساهمت في بناء ذوق موحد إلى حد كبير، وتشكيل وعي جماعي جديد.
أثر التلفزيون على الذوق العام
مع ظهور التلفزيون، بدأ الناس يقلدون ما يرونه على الشاشة، من ملابس، إلى عادات، إلى مفردات لغوية... وباتت الأزياء على الشاشة مصدراً رئيساً للتأثير، تُسرق الأفكار منها، وتُكرّر المظاهر، أحياناً بلا تمحيص.
كما ساهم التلفزيون في تعميم صور نمطية، خصوصاً عبر مسلسلات البيئة الشامية وغيرها، حيث اختلط التاريخ بالخيال، وأُعيد إنتاج صور "مسرحية" قد لا تعكس الواقع.
التلفزيون وتغيّر العلاقة بالثقافة
كان التلفزيون يُشاهد جماعياً، يُحكى عنه، يُناقش في المقاهي والبيوت... لكن في المقابل، صار مصدراً للثقافة السريعة، للمتعة الفورية، مقللاً من قراءة الكتب وزيارات المسارح والاحتكاك المباشر بالفنون.
صار المشاهد متلقياً أكثر منه مشاركاً، وأساليب العرض تتجه نحو التشويق والإثارة، حتى لو على حساب العمق والصدق.
سلبيات وتحديات
تسبب التلفزيون أحياناً كثيرة في:
- تكريس الصورة النمطية.
- تقليل التنوع الثقافي.
- فرض أذواق خارجية عبر الاستيراد والتقليد.
- وتعزيز هيمنة المحتوى التجاري.
كما شهدنا تصاعداً في الدراما التجارية ذات الإنتاج الضخم، وابتعاداً عن التجارب الفنية الأصيلة، ما أثر في جودة المحتوى وأثر في المتلقي.
الجانب الإيجابي
مع ذلك، لا يمكن إنكار أن التلفزيون:
- فتح آفاقاً جديدة للتواصل.
- ساعد في نشر التعليم والثقافة.
- أتاح فرصة للفنانين الجدد.
- وعزز الإحساس بالانتماء الوطني من خلال البرامج والمسلسلات ذات الطابع المحلي.
خاتمة:
التلفزيون كان ثورة حقيقية في حياتنا، معه تغيرت عاداتنا، ذوقنا، ثقافتنا، وصرنا نرى العالم من نافذة صغيرة في البيت.
لكن مع هذه الثورة، جاءت تحديات كثيرة، تحتاج إلى وعي نقدي، حتى لا نغرق في سيل المحتوى، ونفقد اتصالنا بالعمق والذات والهوية.
المصدر مروان ناصح
زيارة جميع مقالات: مروان ناصح