«الزمن الجميل».. هـــل كـــان جميــــلاً حقـــاً؟! الحلقة 67
- مروان ناصح الأحد , 21 ديـسـمـبـر , 2025 الساعة 6:15:27 PM
- 0 تعليقات

مروان ناصح / لا ميديا -
الهروب الكبير.. حيَل الشباب للفرار من الخدمة العسكرية
حين تفقد الخدمة العسكرية معناها، وحين تتحوّل من واجب وطني إلى عبء شخصي لا يحتمل، يبدأ الشباب رحلة طويلة من المناورات، ليهربوا من واقع لا يريدونه، ولا يثقون بأنه يصنع منهم رجالًا.. بل مجرد أرقام في صفّ طويل.
التأجيل حتى الرمق الأخير
أول ما يفكّر فيه الشاب هو "التأجيل"، يتفنن في جمع الأوراق، والحجج، والتقارير الطبية، يُلقي بنفسه في دوامة البيروقراطية، ليكسب سنة.. وربما سنتين.. أو أكثر، حتى يُصبح عمره كبيرًا بما يكفي ليسقط "الاستدعاء".
الرشوة.. الطب أصبح
بوابة الهروب
حين تتحول بعض العيادات إلى مكاتب "تسوية"، ويكتب فيها الطبيب ما يُطلب منه لقاء حفنة من المال، تُزوّر التقارير عن آلام الظهر، أو اضطرابات القلب، أو ضعف النظر،.ويتحوّل الكشف الطبي إلى صفقة، لا إلى معيار.
بل إن بعض المتنفذين يُمررون أسماء أولادهم على أنهم "غير لائقين"، فيما يُجبر الآخرون على حمل البندقية، رغم صحتهم "المثالية".
نفوذ الأقوياء..
والتمييز الصارخ
في الخفاء، تتدخل الواسطات، تُرفع الهواتف، ليُعفى ابن هذا، أو يُرسل ذاك إلى وحدة مريحة، بينما يُزج بالفقير في وحدات قاسية، بلا تدريب كافٍ ولا حماية حقيقية، فيسود شعور عميق بالظلم، ويتحوّل الجيش إلى صورة ثلاثية الأبعاد للطبقية.
الهجرة.. هروب بلا عودة
كثيرون قرروا الهجرة، لا بحثًا عن فرص عمل فحسب، بل هروبًا من التجنيد، يرحلون في العشرين، ولا يعودون إلا بعد الأربعين، حين يسقط عنهم الطلب، أو يسقط شيء آخر في داخلهم: ذلك الإحساس بالانتماء الذي تُرك ليموت.
تسويق الإذلال كواجب
من لم تنفعه الرشوة، ولا التأجيل، ولا النفوذ، ولا الهجرة، يجد نفسه داخل الوحدة العسكرية، وقد أُجبر على ما لا يريد، ويُطلب منه أن يقتنع، أن ينضبط، وأن يعتز.. بينما قلبه يردد: لم أُختر هذا الطريق.
بين الأمس واليوم.. من الجندية إلى النفور
في زمنٍ مضى "قبل زمننا الجميل"، كان المجند يخرج من الجيش برأس مرفوع، يحمل انضباطًا، وكبرياءً، وربما قصة بطولية، أما في "زمننا الجميل"، فالأكثرية تعود محبطة، ساخطة، وقد استهلكت من عمرها سنتين أو أكثر بلا معنى.
بينما يتحايل آخرون، يضحكون على النظام، ويكافَؤون ضمنًا.. على التمرد.
خاتمة
حين يُصبح الهروب من الخدمة العسكرية ظاهرة لا استثناء، فنحن أمام خلل لا يُعالج بالقبضات الحديدية، بل بإعادة النظر في معنى الخدمة، وفلسفتها، وجدواها.
وإلا.. فسيبقى الشاب يفتش عن مخرج، لا عن مجد، ويتحول "الواجب" إلى "كابوس".










المصدر مروان ناصح
زيارة جميع مقالات: مروان ناصح