سامي عطا

د. سامي عطا / لا ميديا -
لا تنهض الدول ولا تقوم الحضارات إلاّ إذا كان لدى الشعب استجابات للتحديات التي تجابهه، أي أن مبدأي التحدي والاستجابة يلعبان درواً في نهوض الدول وقيام الحضارة. ولو طبقنا هذين المبدأين على دولة ما سنجدهما ماثلين أمامنا. ولنأخذ إيران مثلاً، كم واجهت منذ قيام الثورة الإسلامية من تحديات بدءاً من تحدي حرب الثماني سنوات التي فرضت عليها والعقوبات والحصار الاقتصادي لعقود؟! هذه التحديات لم تركعها أو تؤتِ أكلها، لأن الشعب الإيراني كان على قدر هذه التحديات ولديه استجابات لمواجهتها، وبدل أن تغدو التحديات أدوات إعاقة، فإن الشعب حولها إلى فرص للاعتماد على الذات والسعي نحو الاكتفاء الذاتي.
إذا تمكنت إيران من أن تواجه التحديات وبنت نفسها من الصفر، فكيف سيكون الحال مع روسيا التي ورثت إنجازات الاتحـــــاد السوفييتـــي وطورتها في ظل نظام عالمي آخـــر جديد، واستطاعت أن تصل إلى قمة مجدها؟! فإن أي عقوبات أو حصار اقتصادي لن يجدي معها نفعاً، وربما تترك أثرها في البداية، لكنها ستتجاوزها لاحقاً وتتكيف معها، وستجد ألف طريقة وطريقة للتحايل عليها.
السؤال الذي يطرح نفسه: هل بإمكان ممالك النفط الخليجية أن تصمد أمام أي عقوبات أو حصار اقتصادي تجابهه؟! أشك في ذلك، لأنها مجتمعات رفاه واستهـــلاك، لـــم تجابه مجتمعات كهذه تحديات ولا لدى شعوبها استجابات لها، مجتمعات رعوية، صدفة وجود النفط التاريخية، وحاجة الاستعمار لهذه الثروات، دفعه لأن يقيم منها دولاً وممالك وظيفية تابعة ومرتهنة له.
ولأجل ذلك، من الصعوبة بمكان أن تتحرر هذه الكيانات الوظيفية الطارئة من الهيمنة والتبعية الاستعمارية؛ إلاّ في حالة واحدة، وهي أن تشهد ثورات كثورة إيران، ولكن حدوث ذلك مستحيل على المدى المنظور. ومع ذلك يمكن القول بأن الاستحالة مشروطة ببقاء قوى الهيمنة الاستعمارية التي أنشأتها. وعليه فإن زوال تلك القوى أو ضعفها يعني زوال أطرافها، أي أن زوال المركز يفضي إلى زوال الأطراف، وعندما يتفتت المركز تكون أطرافه عاجزة عن الصمود.

أترك تعليقاً

التعليقات